ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ، وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، ان ربنا لغفور شكور ، الذي أحلنا دار المقامة من فضله ، لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب».
وكذلك تعرض الرازي المفسر ، فقد ذكر المراتب الثلاث ، وأورد أقوال العلماء في الظالم والمقتصد والسابق ، وجاء في هذه الاقوال ذكر المقتصد بالخير والتوسط ، ثم انتهى الرازي الى أن المختار عنده هو أن الظالم من خالف فترك أوامر الله ، وارتكب مناهيه ، فانه واضع للشيء في غير موضعه ، والمقتصد هو المجتهد في ترك المخالفة ، وان لم يوفق لذلك ، وندر منه ذنب وصدر عنه اثم فانه اقتصد واجتهد وقصد الحق ، والسابق هو الذي لم يخالف بتوفيق الله ويدل عليه قوله تعالى (باذن الله) أي اجتهد ووفق لما اجتهد فيه وفيما اجتهد فهو سابق بالخير ، يقع في قلبه فيسبق اليه قبل تسويل النفس ، والمقتصد يقع في قلبه فتردده النفس ، والظالم تغلبه النفس ونقول بعبارة أخرى من غلبته النفس الامارة وأمرته فأطاعها ظالم ، ومن جاهد نفسه فغلب تارة وغلب أخرى فهو المقتصد ، ومن قهر نفسه فهو السابق».
وفي سورة لقمان جاء قول القرآن :
«وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ» (١).
تواضع في مشيك اذا مشيت ولا تستكبر ، ولا تستعجل ، بل اعتدل واتئد. والقصد في المشي يبين هنا المشية المعتدلة القاصدة التي تليق بالانسان وتنبغي له ، فالقصد من الاقتصاد ، وهو عدم الاسراف ،
__________________
(١) سورة لقمان ، الآية ١٩.