يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً» (١).
فالقرآن هنا يوجه الى ما ينبغي من موقف الصرامة والشدة في وجوه أولئك المعتدين الخائنين ، الذين لا يكفون أيديهم عن العدوان والاعتداء. والقرآن هنا يدعو الى قتالهم والقضاء عليهم ، جزاء لمكرهم وغدرهم ، فاذا لم يمتنع هؤلاء عن ايذائكم ويمنعوا شرهم فقاتلوهم بلا هوادة.
* * *
والكف أنواع وألوان ، منها كف النفس عن خواطر السوء ، وكف العقل عن الريبة والشك والظن ، وكف اللسان عن كلمة الاذى ، وكف العين عن النظر الى الحرام ، وكف اليد والجوارح عن المعاصي ، وكف الغير بنهيه عن المنكر ودعوته الى الخير وأمره بالمعروف ، ولقد روى أبو داود والترمذي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم انه قال : «اذكروا محاسن موتاكم ، وكفوا عن مساويهم». ولقد قلت في كتابي : «من أدب النبوة» هذه العبارة : «الحكمة في النهي عن سب الاموات بليغة عميقة ، فالانسان يجب أن يتعود لسانه الكلمة الطيبة ، وأن يحذر نهش الاعراض وأكل لحوم الناس ، وبخاصة الاموات ، لأنهم لا يملكون دفاعا عن أنفسهم ، ولا ردا على المفتريات التي توجه اليهم ، ولأنهم من جهة أخرى قد صاروا الى من بيده الحساب والثواب والعقاب ، ولذلك قال سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسّلام : «لا تسبوا الاموات فانهم افضوا الى ما قدموا».
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ٩١.