ومن حكمة هذا النهي أيضا اغلاق الباب دون ايذاء الاحياء ، فقد يسب الانسان شخصا مات فيغضب لذلك السب ابنه أو أخوه أو قريبه أو صديقه ، وقد أشار رسول الله صلىاللهعليهوسلم الى ذلك حيث قال : «لا تسبوا الاموات فتؤذوا به الاحياء».
ولقد روى الترمذي أن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قال : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما».
قيل يا رسول الله ، ننصره اذا كان مظلوما ، فكيف ننصره اذا كان ظالما؟.
فقال رسول الله : «تكفه عن الظلم فذاك نصرك اياه». وهذا الكف من قبيل ما أشرنا اليه ، وهو كف الغير عن الاذى بطريق النهي عن المنكر.
وقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : اياكم والجلوس على الطرقات.
فقالوا : ما لنا بد ، انما هي مجالسنا نتحدث فيها.
قال : فاذا أتيتم الى المجالس فأعطوا الطريق حقها.
قالوا : وما حق الطريق؟.
قال : غض البصر ، وكف الاذى ، ورد السّلام ، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.
ونعود الى شرح هذا الحديث في كتابي «من أدب النبوة» (١) فنجده يقول : «الحق الثاني هو كف الاذى ، أي منع الاذى عن الناس ، سواء
__________________
(١) انظر كتابي «من أدب النبوة» ، صفحة ٢٨. نشر المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية ، طبع مطابع الاهرام التجارية ، سنة ١٩٧١ م.