نبيهم رسول الرحمة والرفق ، وأن عقيدتهم عقيدة الوضوح والسهولة واليسر ، ولذلك نجد تفسيرا «في ظلال القرآن» ، يبسط بعض ما في هذا النص من ايجاز واعجاز ، فيقول :
«ونيسرك لليسرى» ... بشرى لشخص الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وبشرى لأمته من ورائه ، وتقرير لطبيعة هذا الدين ، وحقيقة هذه الدعوة ، ودورها في حياة البشر ، وموضعها في نظام الوجود. وان هاتين الكلمتين : «ونيسرك لليسرى» لتشتملان على حقيقة من أضخم حقائق هذه العقيدة ، وحقيقة هذا الوجود أيضا ، فهي تصل طبيعة هذا الرسول ، بطبيعة هذه العقيدة ، بطبيعة هذا الوجود : الوجود الخارج من يد القدرة في يسره السائر في طريقه بيسر ، المتجه الى غايته بيسر ، فهي انطلاقة من نور ، تشير إلى أبعاد وآماد وآفاق من الحقيقة ليس لها حدود.
ان الذي ييسره الله لليسرى ليمضي في حياته كلها ميسرا ، يمضي مع هذا الوجود المتناسق التركيب والحركة والاتجاه الى الله ، فلا يصطدم الا المنحرفين عن خط هذا الوجود الكبير ـ وهم لا وزن لهم ولا حساب حين يقاسون الى هذا الوجود الكبير ـ يمضي في حركة يسيرة لطيفة هينة لينة مع الوجود كله ، ومع الاحداث والاشياء والاشخاص ، ومع القدر الذي يصرّف الاحداث والاشياء والاشخاص ، اليسر في يده ، واليسر في لسانه ، واليسر في خطوه ، واليسر في عمله ، واليسر في تصوره ، واليسر في تفكيره ، واليسر في أخذه للامور ، واليسر في علاجه للامور ، اليسر مع نفسه ، واليسر مع غيره».
ومن الواضح عند المتفكر المتدبر أن قول الحق جل جلاله : «فأما من أعطى واتقى ، وصدق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى» فيه ايحاء قوي بالاتجاه الى خطة التيسير وفضيلة التياسر ، ولذلك يقول صاحب «الظلال» أيضا :