فالله تبارك وتعالى يريد من أهل الايمان والهداية أن يتدبروا ويتبصروا ، فيختاروا من بين الانواع والالوان الطيب ـ وما أكثره ـ وأن يكون ذلك خلقا من أخلاقهم ، وعادة دائمة من عاداتهم ، وحلية يزدانون بها في حياتهم ، حتى يكونوا من العابدين الشاكرين المستحقين للرضا والرضوان.
وفي معنى الآية الكريمة جاء الحديث النبوي الشريف الذي رواه الامام مسلم في صحيحه وهو يقول :
«أيها الناس ، ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا ، وان الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال :
«يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً ، إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ» (١).
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ» (٢).
ثم ذكر الرحل يطيل السفر ، أشعث أغبر ، يمد يديه الى السماء : يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، وشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك»؟.
ولنتأمل طويلا في خطاب الله لرسله :
«يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً».
فهو سبحانه قد أمر بالاكل من الطيبات قبل الامر بالعمل الصالح ، لأن الاكل من الطيبات أمر مهم ، ولأنه يعاون على
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٥١.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٧٢.