العمل والابتداء بالطيب يؤدي الى طيب مثله ، ما دامت النية صالحة ، والوجهة مخلصة.
وحينما أمر الحق سبحانه بالاكل من الطيبات ، نهى عن الطغيان ـ حتى فيما يباح ـ لأن الطغيان جموح أو اسراف يؤدي إلى انحراف أو اعتساف ، ولذلك يقول في سورة طه :
«كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ، وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى» (١).
وكما نهى التنزيل المجيد عن الطغيان عند الاكل من الطيب ، نهى عن التشديد والتعسير والتحريم للطيبات التي هيأها الله وأباحها ، والطريقة المثلى هي الطريقة الوسطى التي تتنزه عن سفه الانطلاق وحمق التضييق ، يقول الحق في هذا المجال في سورة المائدة :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ، وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ، وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً ، وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ» (٢).
وهذا أبو عبد الله محمد بن أحمد الانصاري القرطبي في كتابه «الجامع لأحكام القرآن» يعلق على الآية الاولى بهذه العبارة : «قال علماؤنا رحمة الله عليهم في هذه الآية وما شابهها. والاحاديث الواردة في
__________________
(١) سورة طه ، الآية ٨١.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٨٧ ـ ٨٨.