معناها ، رد على غلاة المتزهدين ، وعلى أهل البطالة من المتصوفين ، اذ كل فريق منهم قد عدل عن طريقه ، وحاد عن تحقيقه.
قال الطبري : لا يجوز لأحد من المسلمين تحريم شيء مما أحل الله لعباده المؤمنين على نفسه ، من طيبات المطاعم والملابس والمناكح ، اذا خاف على نفسه باحلال ذلك بعض العنت والمشقة. ولذلك رد النبي صلىاللهعليهوسلم التقبل على ابن مظعون ، فثبت أنه لا فضل في ترك شيء مما أحله الله لعباده ، وأن الفضل والبر انما هو في فعل ما ندب عباده اليه ، وعمل به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسنّه لأمته ، واتبعه على منهاجا الأئمة الراشدون ، اذ كان خير الهدى هدى نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم.
فاذا كان كذلك تبين خطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان ، اذا قدر على لباس ذلك من حلّه ، وآثر أكل الخشن من الطعام ، وترك اللحم وغيره حذرا من عارض الحاجة الى النساء.
قال الطبري : فان ظن ظان أن الخير في غير الذي قلنا لما في لباس الخشن وأكله من المشقة على النفس وصرف ما فضل بينهما من القيمة الى أهل الحاجة فقد ظن خطأ ، وذلك أن الاولى بالانسان صلاح نفسه وعونا لها على طاعة ربها ، ولا شيء أضر للجسم من المطاعم الرديئة ، لأنها مفسدة لعقله ، ومضعفة لأدواته التي جعلها الله سببا الى طاعته.
وقد جاء رجل الى الحسن البصري فقال : ان لي جارا لا يأكل الفالوذج.
فقال : ولم؟.
قال : يقول لا يؤدي شكره
فقال الحسن : أفيشرب الماء البارد؟