فقال : نعم.
فقال : ان جارك جاهل ، فان نعمة الله في الماء البارد أكثر من نعمته عليه من الفالوذج.
قال ابن العربي : قال علماؤنا : هذا اذا كان الدين قواما ، ولم يكن المال حراما ، فأما اذا فسد الدين عند الناس ، وعمّ الحرام ، فالتبتل أفضل ، وترك اللذات أولى ، واذا وجد الحلال فحال النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل وأعلى» ا ه.
وهذا هو الصحابي الجليل ، المجاهد الصابر على الاذى عثمان بن مظعون ، الذي ذكرت تفاصيل بطولته في كتابي «فدائيون في تاريخ الاسلام» (١) يأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقول له : لو أذنت لي فطلقت خولة (زوجته) وترهبت واختصيت وحرمت اللحم ، ولا أنام بليل أبدا ، ولا أفطر بنهار أبدا.
فقال له النبي عليه الصلاة والسّلام : «ان من سنتي النكاح ، ولا رهبانية في الاسلام ، انما رهبانية أمتي الجهاد في الاسلام ، وخصاء أمتي الصوم ، ولا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ، ومن سنتي أنام وأقوم ، وأفطر وأصوم ، فمن رغب عن سنتي فليس مني».
فقال عثمان : والله لوددت يا نبي الله أن أعلم أي التجارات أحب الى الله فأتجر فيها.
فنزل قول الله تعالى في سورة الصف :
__________________
(١) انظر ترجمة عثمان بن مظعون في كتابي «فدائيون في تاريخ الاسلام» ص ٣٤٧ ـ ٣٥٢ طبع دار الرائد العربي ، الطبعة الاولى ، سنة ١٩٧٠ م.