شيئا قبل أن يستيقنوا من حله ، والناظر في تاريخ القوم وقتذاك يلمح هذا التحرج من كل ما كانوا يأتونه في الجاهلية ، خشية أن يكون الاسلام قد حرمه ، وتلك آية تأثرهم العميق البالغ بالعقيدة الجديدة ، لذلك سألوا : ماذا أحل لهم؟ ليكونوا على يقين من حله قبل أن يقربوه.
فكان الجواب : قل أحل لكم الطيبات. وهو جواب يستحق الانتباه ، اذ يلقي في حسهم أنه لم يحرموا طيبا ، ولم يمنعوا عن طيب ، وأن كل الطيبات ما تزال لهم حلالا ، فلم يحرم الا الخبيث.
والواقع أن كل ما حرم تستقذره الفطرة السليمة بطبعها من الناحية الحسية كالميتة والدم ولحم الخنزير ، أو ينفر منه الضمير السليم كالذي أهل به لغير الله ، أو ما ذبح على النصب أو الاستقسام بالازلام».
* * *
ونقبل من وراء القرآن المجيد على روضة السنة الشريفة فاذا هي تتبع خطواته في الدعوة الى التحلي بالفضيلة القرآنية الجميلة وهي فضيلة ابتغاء الطيب ، أو تطلب الحلال ، فيقول الحديث : «طلب الحلال فريضة». ولما قال صلوات الله وسلامه عليه : «طلب العلم فريضة على كل مسلم». قال بعض العلماء : أراد به طلب علم الحلال والحرام.
وروى الطبراني الحديث التالي : «من سعى على عياله من حلال ، فهو كالمجاهد في سبيل الله ، ومن طلب الدنيا حلالا في عفاف ، كان في درجة الشهداء».
وأخبرنا سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسّلام أن رضا الله لا يناله الانسان الا اذا حرص على ابتغاء الطيب ، وحرص على تجنب الخبيث ، فقال : «لا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله تعالى ، فان الله لا ينال ما عنده بمعصيته». ولقد روى الترمذى حديثا