يقول : «كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به».
وفي «الاحياء» يفصل الغزالي القول نوعا من التفصيل فيقول : «الناس ثلاثة : رجل شغله معاشه عن معاده فهو من الهالكين ، ورجل شغله معاده عن معاشه فهو من الفائزين ، والاقرب الى الاعتدال هو الثالث : الذي شغله معاشه لمعاده ، فهو من المقتصدين ، ولن ينال رتبة الاقتصاد من لم يلازم في طلب المعيشة منهج السداد ، ولن ينتهض من طلب الدنيا وسيلة الى الآخرة وذريعة ، ما لم يتأدب في طلبها بآداب الشريعة».
* * *
ثم يأتي الصوفية بطريقتهم الخاصة وأسلوبهم المتميز ، فيعطون فضيلة «ابتغاء الطيب» حقها من الرعاية ، فنرى ابراهيم بن أدهم يأكل الزبد والعسل والخبز الجيد ، فيقال له : أتأكل هذا كلّه؟.
فيجيب : اذا وجدنا أكلنا أكل الرجال ، واذا عدمنا صبرنا صبر الرجال!.
وروي أن الاوزاعي لقي ابراهيم بن أدهم وعلى عنقه حزمة حطب ، فقال له : يا أبا اسحاق ، الى متى هذا؟ اخوانك يكفونك.
فقال : دعني من هذا يا أبا عمر ، بلغني أنه من وقف موقف مذلة في طلب الحلال وجبت له الجنة!.
ويتعمق القشيري بعض التعمق حين يتعرض في «لطائف الاشارات لتفسير قوله تعالى في سورة البقرة :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ