ويرى ابن حجر ان هذا تفسير بالمعنى ، والا فأصل التبتل هو الانقطاع ، فالمعنى في الاصل : انقطع اليه انقطاعا ، لكن لما كانت حقيقة الانقطاع الى الله انما تقع باخلاص العبادة له ، فسرها بذلك.
وأما الفخر الرازي فقد أورد في تفسير الآية كلاما دقيقا عميقا شبيها بأسلوب الصوفية حين يتحدثون عن سرائر الارواح ودقائق الاخلاق ، وقد جرى الرازي في كلامه على طريقة البسط والتوسع ، وقد يكون من تمام المعرفة أن نستوعب حديثه في هذا المجال ، وان امتد المقال :
«هذه الآية تدل على أنه سبحانه تعالى بشيئين :
أحدهما : الذكر.
والثاني : التبتل.
أما الذكر فاعلم أنه انما قال : «واذكر ربك» هاهنا ، وقال في آية أخرى :
«وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً».
لأنه لا بد في أول الامر من ذكر الاسم باللسان مدة ، ثم يزول الاسم ويبقى المسمى ، فالدرجة الاولى هي المراد بقوله ههنا : واذكر اسم ربك.
والمرتبة الثانية هي المراد بقوله في السورة الاخرى : واذكر ربك في نفسك.
وانما تكون مشتغلا بذكر الرب اذا كنت في مقام مطالعة ربوبيته ، وربوبيته عبارة عن أنواع تربيته لك ، واحسانه اليك ، فما دمت في هذا المقام تكون مشغول القلب بمطالعة آلائه ونعمائه ، فلا تكون مستغرق القلب به ، وحينئذ يزداد الترقي ، فتكون مشغولا بذكر الهيته ، واليه الاشارة بقوله : «اذكروا الله كذكركم أباءكم».
وفي هذا المقام يكون الانسان في مقام الهيبة والخشية ، لأن الالهية