وعمارة ديارهم ، التي اذا تعطلت عنه صارت بورا. وهو سلاحهم الذي يقاتلون به قطاع الطريق ، وماؤهم الذي يطفئون به التهاب الحريق. ودواء أسقامهم الذي متى فارقهم انتكست منهم القلوب ، والسبب الواصل ، والعلاقة التي كانت بينهم وبين علام الغيوب.
واذا مرضنا تداوينا بذكركم |
|
فنترك الذكر احيانا فننتكس |
به يستدفعون الآفات ، ويستكشفون الكربات. وتهون عليهم به المصيبات. اذا أظلهم البلاء ، فاليه ملجؤهم. واذا نزلت بهم النوازل. فاليه مفزعهم. فهو رياض جنتهم التي فيها يتقلبون ، ورؤوس أموال سعادتهم التي بها يتجرون. يدع القلب الحزين ضاحكا مسرورا. ويوصل الذاكر الى المذكور بل يدع الذاكر مذكورا.
وفي كل جارحة من الجوارح عبودية مؤقتة. و «الذكر» عبودية القلب واللسان وهي غير مؤقتة بل هم يؤمرون بذكر معبودهم ومحبوبهم في كل حال : قياما وقعودا ، وعلى جنوبهم. فكما أن الجنة قيعان ، وهو غراسها. فكذلك القلوب بور خراب. وهو عمارتها ، وأساسها.
وهو جلاء القلوب وصقالها. ودواؤها اذا غشيها اعتلالها. وكلما ازداد الذاكر في ذكره استغراقا : ازداد المذكور محبة الى لقائه واشتياقا. واذا واطأ في ذكره قلبه للسانه : نسي في جنب ذكره كل شيء. وحفظ الله عليه كل شيء. وكان له عوضا من كل شيء.
به يزول الوقر عن الاسماع ، والبكم عن الالسن ، وتنقشع الظلمة عن الابصار.
زين الله به ألسنة الذاكرين. كما زين بالنور أبصار الناظرين. فاللسان الغافل : كالعين العمياء ، والاذن الصماء ، واليد الشلاء.