وحول هذه الآية يقول القشيري : «قوم اطمأنت قلوبهم بذكرهم الله ، وفي الذكر وجدوا سلوتهم ، وبالذكر وصلوا الى صفوتهم. وقوم اطمأنت قلوبهم بذكر الله فذكرهم الله ـ سبحانه ـ بلطفه ، وأثبت الطمأنينة في قلوبهم على وجه التخصيص لهم.
ويقال اذا ذكروا أن الله ذكرهم استروحت قلوبهم ، واستبشرت أرواحهم ، واستأنست أسرارهم ، قال تعالى : «أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» لما نالت بذكره من الحياة ، واذا كان العبد لا يطمئن قلبه بذكر الله ، فذلك لخلل في قلبه ، فليس قلبه بين القلوب الصحيحة.
ويرشدنا القرآن الكريم الى أن ذكر الله له مواطن وأماكن يحلو فيها ، ويحسن. وان كان ذكر الله يكون في كل مكان وأوان. فالله تعالى يقول في سورة النور : «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال» ، ويقول في سورة الحج :
«وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً» (١).
ويرشدنا القرآن كذلك الى أن قلة الذكر من شأن المنافقين ، فيقول في سورة النساء :
«إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً» (٢).
__________________
(١) سورة الحج ، الآية ٤٠.
(٢) سورة النساء ، الآية ١٤٢.