الصفاء والنقاء ، والاخلاص والوفاء الذين لا يعرفون في سلوكهم طريق النفاق ، لأن ابتغاء وجه الله لا يجتمع أبدا مع الرياء ، وهؤلاء يريدون بأحوالهم وأعمالهم وأقوالهم وجه ربهم وذاته ، فرضاه مقدم على رضا الناس ، وحقه فوق كل الحقوق ، وهم دائما يتجهون الى الله ، يقبلون عليه ، ولا يطلبون سواه ، ولا يلتفتون الى من عداه «قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون».
وقد ذكر القرآن الكريم : «ابتغاء وجه الله» في عدة مواطن ، منها قوله في سورة البقرة :
«وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ، وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ ، وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ» (١).
فبيّن الله تعالى أن النفقة المعتد بها انما هي ما كانت ابتغاء وجه الله. وقيل كما ذكر القرطبي ان هذه شهادة من الله سبحانه للصحابة رضوان الله عليهم ، بأنهم انما ينفقون ابتغاء وجه الله ، فجاء التعبير على وجه الثناء عليهم والتفضيل لهم.
وجاء في تفسير «مفاتيح الغيب» : «في هذه الآية وجوه : الاول ان يكون المعنى : ولستم في صدقتكم على أقاربكم من المشركين تقصدون الا وجه الله ، فقد علم الله هذا من قلوبكم ، فانفقوا عليهم اذا كنتم ، انما تبغون بذلك وجه الله ، في صلة رحم وسدّ خلة مضطر ، وليس عليكم اهتداؤهم حتى يمنعكم ذلك من الانفاق عليهم.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٧٢.