الثاني : أن هذا وان كان ظاهره خبرا ، الا أن معناه نهي ، أي ولا تنفقوا الا ابتغاء وجه الله ، وورد الخبر بمعنى الامر والنهي كثيرا. قال تعالى : «والوالدات يرضعن أولادهن» ، «والمطلقات يتربصن».
الثالث : أن قوله : «وما تنفقون» أي ولا تكونوا منفقين مستحقين لهذا الاسم الذي يفيد المدح حتى تبتغوا بذلك وجه الله.
... وفي قوله : «الا ابتغاء وجه الله» قولان : الاول : انك اذا قلت فعلته لوجه زيد ، فهو أشرف في الذكر من قولك فعلته له ، لأن وجه الشيء أشرف ما فيه ، ثم كثر حتى صار يعبر عن الشرف بهذا اللفظ.
الثاني : أنك اذا قلت : هذا الفعل له ، فههنا يحتمل أن يقال : فعلته له ولغيره أيضا. أما اذا قلت : فعلت هذا الفعل لوجهه ، فهذا على أنك فعلت الفعل له فقط ، وليس لغيره فيه شركة.
وجاء في تفسير «مجمع البيان» :
«وما تنفقون الا ابتغاء وجه الله» أي الا طلب رضوان الله ، وهذا اخبار من الله عن صفة انفاق المؤمنين المخلصين ، المستجيبين لله ولرسوله ، أنهم لا ينفقون ما ينفقونه الا طلبا لرضاء الله تعالى.
وقيل ان معناه النهي ، وان كان ظاهره الخبر ، أي ولا تنفقوا الا ابتغاء مرضاة الله.
وفي ذكر «الوجه» هنا قولان : أحدهما أن المراد به تحقيق الاضافة ، لأن ذكر الوجه يرفع الابهام ، أنه له ولغيره ، وذلك أنك لما ذكرت الوجه ـ ومعناه النفس ـ دل على أنك تصرف الوهم عن الاشتراك الى تحقيق الاختصاص ، وان كنت بذلك محققا للاضافة ، ومزيلا لايهام الشركة.
والثاني : أنك اذا قلت : فعلته لوجه زيد ، كان أشرف في الذكر من :