أى : من أعرض عن هذا الذكر وهو القرآن الكريم فإنه بسبب هذا الإعراض والترك ، يحمل يوم القيامة على ظهره آثاما كثيرة : تؤدى إلى العقوبة المهينة من الله ـ تعالى ـ.
وقوله : (خالِدِينَ فِيهِ) أى : في العذاب المترتب على هذا الوزر.
(وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) أى : وبئس ما حملوا على أنفسهم من الإثم بسبب إعراضهم عن هداية القرآن الكريم.
قال الآلوسى : قوله : (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) إنشاء للذم ، على أن «ساء» فعل ذم بمعنى بئس .. وفاعله على هذا هنا مستتر يعود على «حملا» الواقع تمييزا .. والمخصوص بالذم محذوف ، والتقدير : ساء حملهم حملا وزرهم (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ أحوال المجرمين عند الحشر فقال : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً).
أى : اذكر ـ أيها العاقل ـ يوم ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية ، ونحشر المجرمين يومئذ ونجمعهم للحساب حالة كونهم زرق العيون من شدة الهول ، أو حالة كونهم «زرقا» أى : عميا ، لأن العين إذا ذهب ضوؤها أزرق ناظرها. أو «زرقا» معناه : عطاشا ، لأن العطش الشديد يغير سواد العين فيجعله كالأزرق.
قال ـ تعالى ـ : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ. ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٢).
وقوله ـ سبحانه ـ : (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) استئناف لبيان ما يقوله بعضهم لبعض على سبيل الهمس وخفض الصوت.
أى : إن هؤلاء المجرمين يتهامسون فيما بينهم في هذا اليوم العصيب ، قائلين ما لبثتم في قبوركم إلا عشرا من الليالى أو الأيام.
ومقصدهم من هذا القول : استقصار المدة ، وسرعة انقضائها ، والندم على ما كانوا يزعمونه من أنه لا بعث ولا حساب ، بعد أن تبين لهم أن البعث حق ، وأن الحساب حق ، وأن الأمر على عكس ما كانوا يتوهمون.
وقوله ـ تعالى ـ : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ ...) بيان لشمول علمه ـ سبحانه ـ.
أى : نحن وحدنا أعلم بما يقولون فيما بينهم ، لا يخفى علينا شيء مما يتخافتون به من شأن
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٦ ص ٢٥٩.
(٢) سورة الزمر الآية ٦٨.