«فتبهتهم» أى : فتدهشهم وتحيرهم ، والبهت : الانقطاع والحيرة.
«فلا يستطيعون ردها» أى : فلا يستطيعون دفع الساعة أوردها عنهم (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أى : ولا هم يمهلون لتوبة أو معذرة.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآيات الكريمة بتسلية النبي صلىاللهعليهوسلم عما أصابه من هؤلاء المشركين ، فقال : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ ، فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ. ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
أى : ولقد استهزئ ـ أيها الرسول الكريم ـ برسل كثيرين من قبلك ، فنزل بهؤلاء المشركين المستهزئين برسلهم ، العذاب الذي كانوا يستهزئون به في الدنيا ، ويستعجلون رسلهم في نزوله.
وصدرت الآية الكريمة بلام القسم وقد ، لزيادة تحقيق مضمونها وتأكيده ، وتنوين الرسل : للتفخيم والتكثير ، أى : والله لقد استهزئ برسل كثيرين ذوى شأن خطير كائنين في زمان قبل زمانك.
وعبر ـ سبحانه ـ بالفعل حاق ، لأن هذه المادة تستعمل في إحاطة المكروه ، فلا يقال : فلان حاق به الخير ، ولأنها تدل على الشمول واللزوم.
أى : فنزل بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به في الدنيا نزولا شاملا ، أحاط بهم من كل جهة إحاطة تامة.
وبذلك تكون الآيات الكريمة ، قد بينت جانبا من سنن الله ـ تعالى ـ في خلقه ، وحكت بعض الأفعال القبيحة التي كان المشركون يفعلونها مع النبي صلىاللهعليهوسلم وهددتهم عليها تهديدا شديدا ، وسلّت النبي صلىاللهعليهوسلم عما ارتكبوه في حقه.
ثم أمر ـ سبحانه ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يذكّر هؤلاء الجاحدين بنعمه ـ تعالى ـ وأن ينذرهم بأسه وعقابه إذا ما استمروا في كفرهم ، فقال ـ عزوجل ـ :
(قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ