وقوله : (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ) عطف خاص على قوله : (مَنْ فِي السَّماواتِ).
ونص ـ سبحانه ـ عليها مفردا إياها بالذكر ، لشهرتها ، ولاستبعاد بعضهم حدوث السجود منها ، ولأن آخرين كانوا يعبدون هذه الكواكب ، فبين ـ سبحانه ـ أنها عابدة وساجدة لله ، وليست معبودة.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ) عطف خاص على (مَنْ فِي الْأَرْضِ) ونص ـ سبحانه ـ عليها ـ أيضا ـ لأن بعضهم كان يعبدها ، أو يعبد ما يؤخذ منها كالأصنام.
وقوله ـ تعالى ـ (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) بيان الذين اهتدوا إلى طريق الحق.
أى : ويسجد له ـ كذلك ـ كثير من الناس ، وهم الذين خلصت عقولهم من شوائب الشرك والكفر ، وطهرت نفوسهم من الأدناس والأوهام.
وقوله : (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) بيان لحال الذين استحبوا العمى على الهدى.
أى : وكثير من الناس حق وثبت عليهم العذاب ، بسبب إصرارهم على الكفر ، وإيثارهم الغي على الرشد.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بما يدل على نفاذ قدرته ، وعموم مشيئته فقال : (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ. إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ).
و «من» شرطية ، وجوابها : «فما له من مكرم» ومكرم اسم فاعل من أكرم.
أى : ومن يهنه الله ويخزه ، فما له من مكرم يكرمه ، أو منقذ ينقذه مما هو فيه من شقاء ، إن الله ـ تعالى ـ يفعل ما يشاء فعله بدون حسيب يحاسبه ، أو معقب يعقب على حكمه (١).
قال ـ تعالى ـ : (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ).
* * *
ثم ساق ـ سبحانه ـ بعد ذلك صورة فيها ما فيها من وجوه المقارنات بين مصير الكافرين ومصير المؤمنين. لكي ينحاز كل ذي عقل سليم إلى فريق الإيمان لا الكفر ، فقال ـ تعالى ـ :
(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ
__________________
(١) سورة الرعد الآية ٤١.