تمهيد بين يدي السورة
١ ـ سورة الأنبياء ، من السور المكية. وعدد آياتها اثنتا عشرة ومائة عند الكوفيين.
وعند غيرهم إحدى عشرة آية ومائة. وكان نزولها بعد سورة إبراهيم.
قال الآلوسى : وهي سورة عظيمة ، فيها موعظة فخيمة ، فقد أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، وابن عساكر ، عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب فأكرمه عامر ، وكلم فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجاءه الرجل فقال : إنى استقطعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم واديا ما في العرب واد أفضل منه. وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك.
فقال عامر : لا حاجة لي في ذلك ، فقد نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا.
ثم قرأ : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ..) (١).
٢ ـ وعند ما نقرأ هذه السورة الكريمة بتدبر وتأمل ، نراها في مطلعها تسوق لنا ما يهز القلوب ، ويحملها على الاستعداد لاستقبال يوم القيامة بالإيمان والعمل الصالح ، ويزجرها عن الغفلة والإعراض.
قال ـ تعالى ـ : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ. ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ..).
٣ ـ ثم تحكى السورة بعد ذلك ألوانا من الشبهات التي أثارها المشركون حول الرسول صلىاللهعليهوسلم وحول دعوته ، وردت عليهم بما يبطل شبهاتهم وأقوالهم ، فقال ـ تعالى ـ : (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ ، بَلْ هُوَ شاعِرٌ ، فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ* ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ* وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ).
٤ ـ ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك ادلة متعددة على وحدانية الله ـ تعالى ـ وعلى شمول قدرته. منها قوله ـ عزوجل ـ : (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ* لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ* لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٧ ص ٢.