وقوله ـ سبحانه ـ : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ، وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ* وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ* وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ* وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ).
٥ ـ وبعد أن ذكرت السورة ألوانا من نعم الله على خلقه ، وحكت جانبا من تصرفات المشركين السيئة مع النبي صلىاللهعليهوسلم أتبعت ذلك بتسليته صلىاللهعليهوسلم عما قالوه في شأنه.
قال ـ تعالى ـ : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
٦ ـ ثم عرضت السورة الكريمة جانبا من قصص بعض الأنبياء ، تارة على سبيل الإجمال ، وتارة بشيء من التفصيل ، فتحدثت عن موسى وهارون ، وعن إبراهيم ولوط ، وعن إسحاق ويعقوب ، وعن نوح وأيوب ، وعن داود وسليمان ، وعن إسماعيل وإدريس ، وعن يونس وزكريا.
وفي نهاية حديثها عنهم ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ عقبت بالمقصود الأساسى من رسالتهم ، وهو دعوة الناس جميعا إلى إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ ، وأنهم جميعا قد جاءوا برسالة واحدة في جوهرها ، فقال ـ تعالى ـ : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
٧ ـ ثم تحدثت في أواخرها عن أشراط الساعة ، وعن أهوالها ، وعن أحوال الناس فيها.
قال ـ تعالى ـ : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ).
٨ ـ ثم ختم ـ سبحانه ـ سورة الأنبياء بالحديث عن سنة من سننه التي لا تتخلف ، وعن رسالة نبيه صلىاللهعليهوسلم وعن موقفه من أعدائه ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ* إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ* وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ* قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ* فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ ، وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ* إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ* وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ* قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ).