وعن قتادة : إن الله أحيا له أولاده الذين هلكوا في بلائه ، وأوتى مثلهم في الدنيا .. (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله ـ تعالى ـ : (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) أى : أجبنا له دعاءه ، وفعلنا معه ما فعلناه من ألوان الخيرات ، من أجل رحمتنا به ، ومن أجل أن يكون ما فعلناه معه عبرة وعظة وذكرى لغيره من العابدين حتى يقتدوا به في صبره على البلاء ، وفي المداومة على شكرنا في السراء والضراء.
وخص ـ سبحانه ـ العابدين بالذكرى ، لأنهم أكثر الناس بلاء وامتحانا. ففي الحديث الشريف : «أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل».
وفي حديث آخر : «يبتلى الرجل على قدر دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه» (٢).
وقد كان أيوب آية في الصبر ، وبه يضرب المثل في ذلك.
هذا ، وقصة أيوب ـ عليهالسلام ـ ستأتى بصورة أكثر تفصيلا في سورة «ص» ، وقد تركنا هنا أقوالا عن كيفية مرضه ، وعن مدة هذا المرض .. نظرا لضعفها ، ومنافاتها لعصمة الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ من الأمراض المنفرة.
ثم أشارت السورة إشارات مجملة إلى قصة كل من إسماعيل وإدريس وذي الكفل ، قال ـ تعالى ـ :
(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٨٦)
وإسماعيل : هو الابن الأكبر لإبراهيم ـ عليهماالسلام ـ وهو الذبيح الذي افتداه الله ـ تعالى ـ بذبح عظيم.
وإدريس : هو واحد من أنبياء الله ـ تعالى ـ ، قالوا : وهو جد نوح ـ عليهالسلام ـ وأنه ولد في حياة آدم ، وبعث بعد موته.
أما ذو الكفل : فقد قال الآلوسى في شأنه ما ملخصه : ظاهر نظم ذي الكفل في سلك
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٧ ص ٨١.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ٣٥٤.