اى : يتزينون في تلك الجنات بأساور كائنة من الذهب الخالص ، ومن اللؤلؤ الثمين ، أما لباسهم الدائم فيها فهو من الحرير الناعم الفاخر.
قال الآلوسى : وقوله ـ تعالى ـ : (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) غير الأسلوب حيث لم يقل ويلبسون فيها حريرا ، للإيذان بأن ثبوت اللباس لهم أمر محقق غنى عن البيان .. ثم إن الظاهر أن هذا الحكم عام في كل أهل الجنة ، وقيل هو باعتبار الأغلب ، لما أخرجه النسائي وابن حيان وغيرهما عن أبى سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة. وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه» (١).
قالوا : ومحله فيمن مات مصرا على ذلك.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) بيان لحسن خاتمتهم ، ولعظم النعم التي أنعم الله بها عليهم.
أى : وهدى الله ـ تعالى ـ هؤلاء المؤمنين إلى القول الطيب الذي يرضى الله ـ تعالى ـ عنهم ، كأن يقولوا عند دخولهم الجنة : (... الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ* الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) (٢).
وهداهم ـ أيضا ـ خالقهم إلى الصراط المحمود ، وهو صراط الذين أنعم الله عليهم بنعمة الإيمان والإسلام ، فصاروا بسبب هذه النعمة يقولون الأقوال الطيبة ، ويفعلون الأفعال الحميدة.
قال الشوكانى : قوله : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ...) أى : أرشدوا إليه. قيل : هو لا إله إلا الله. وقيل : القرآن. وقيل : هو ما يأتيهم من الله من بشارات. وقد ورد في القرآن ما يدل على هذا القول المجمل هنا ، وهو قوله ـ سبحانه ـ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ .. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا ... الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ..).
ومعنى : (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) أنهم أرشدوا إلى الصراط المحمود وهو طريق الجنة ، أو صراط الله الذي هو دينه القويم وهو الإسلام (٣).
وبعد هذا الحديث المؤثر عن الخصمين وعن عاقبة كل منهما .. جاء الحديث عن المسجد
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٧ ص ١٣٦.
(٢) سورة فاطر الآيتان ٣٤ ، ٣٥.
(٣) تفسير فتح القدير ج ٣ ص ٤٤٥.