(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (٦٦))
انتصاب لوطا : بفعل مضمر معطوف على أرسلنا ، أي : وأرسلنا لوطا ، و (إِذْ قالَ) ظرف للفعل المقدر ، ويجوز أن يقدر اذكر ؛ والمعنى : وأرسلنا لوطا وقت قوله : (لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) أي : الفعلة المتناهية في القبح والشناعة ، وهم أهل سدوم ، وجملة (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) في محل نصب على الحال متضمنة لتأكيد الإنكار ، أي : وأنتم تعلمون أنها فاحشة. وذلك أعظم لذنوبكم ، على أن تبصرون من بصر القلب ، وهو العلم ، أو بمعنى النظر ، لأنهم كانوا لا يستترون حال فعل الفاحشة عتوّا وتمرّدا ، وقد تقدّم تفسير هذه القصة في الأعراف مستوفى (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً) فيه تكرير للتوبيخ مع التصريح ، بأن تلك الفاحشة : هي اللواطة ، وانتصاب شهوة على العلة ، أي : للشهوة ، أو على أنه صفة لمصدر محذوف ، أي : إتيانا شهوة ، أو أنه بمعنى الحال ، أي : مشتهين لهم (مِنْ دُونِ النِّساءِ) أي : متجاوزين النساء اللاتي هنّ محل لذلك (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) التحريم ، أو العقوبة على هذه المعصية ، واختار الخليل ، وسيبويه تخفيف الهمزة من أإنكم (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) قرأ الجمهور بنصب جواب على أنه خبر كان ، واسمها إلا أن قالوا ، أي : إلا قولهم. وقرأ ابن أبي إسحاق برفع جواب على أنه اسم كان ، وخبرها ما بعده ، ثم عللوا ما أمروا به بعضهم بعضا من الإخراج بقولهم : إنهم أناس يتطهرون : أي يتنزهون عن أدبار الرجال ، قالوا ذلك استهزاء منهم بهم (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ) من العذاب (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) أي : قدّرنا أنها من الباقين في العذاب ، ومعنى قدرنا قضينا. قرأ الجمهور قدّرنا بالتشديد ، وقرأ عاصم بالتخفيف. والمعنى واحد مع دلالة زيادة البناء على زيادة المعنى