وابن مردويه عن ابن عباس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «كان سليمان إذا صلّى رأى شجرة نابتة بين يديه ، فيقول لها ما اسمك؟ فتقول كذا وكذا ، فيقول لم أنت؟ فتقول لكذا وكذا ، فإن كانت لغرس غرست ، وإن كانت لدواء كتبت» وصلى ذات يوم فإذا شجرة نابتة بين يديه فقال لها : ما اسمك؟ قالت الخرّوب. قال : لأيّ شيء أنت؟ قالت : لخراب هذا البيت ، فقال سليمان : اللهم عمّ عن الجنّ موتي حتى يعلم الإنس أن الجنّ لا يعلمون الغيب ، فهيأ عصا فتوكأ عليها ، وقبضه الله وهو متكئ عليها ، فمكث حولا ميتا والجنّ تعمل ، فأكلتها الأرضة فسقطت ، فعلموا عند ذلك بموته ، فتبيّنت الإنس (أَنْ) الجنّ (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) وكان ابن عباس يقرؤها كذلك ، فشكرت الجنّ للأرضة ، فأينما كانت يأتونها بالماء ، وأخرجه الحاكم وصححه عن ابن عباس موقوفا. وأخرج الديلمي عن زيد بن أرقم مرفوعا يقول الله عزوجل : «إني تفضّلت على عبادي بثلاث : ألقيت الدّابة على الحبّة ، ولو لا ذلك لكنزها الملوك كما يكنزون الذهب والفضّة ، وألقيت النتن على الجسد ولو لا ذلك لم يدفن حبيب حبيبه ، واستلبت الحزن ولو لا ذلك لذهب النّسل».
(لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ (١٨) فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١))
لما ذكر سبحانه حال بعض الشاكرين لنعمه عقبه بحال الجاحدين لها ، فقال : (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ) المراد بسبإ القبيلة التي هي من أولاد سبأ ، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود. قرأ الجمهور (لِسَبَإٍ) بالجرّ والتنوين على أنه اسم حيّ ، أي : الحي الذي هم أولاد سبأ ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (لِسَبَإٍ) ممنوع الصرف بتأويل القبيلة ، واختار هذه القراءة أبو عبيد ، ويقوّى القراءة الأولى قوله : (فِي مَسْكَنِهِمْ) ولو كان على تأويل القبيلة لقال في مساكنها ، فمما ورد على القراءة الأولى قول الشاعر :
الواردون وتيم في ذرى سبأ |
|
قد عضّ أعناقها جلد الجواميس |
ومما ورد على القراءة الثانية قول الشاعر :
من سبأ الحاضرين مأرب إذ |
|
يبنون من دون سيلها العرما |
وقرأ قنبل وأبو حيوة والجحدري (لِسَبَإٍ) بإسكان الهمزة ، وقرئ بقلبها ألفا. وقرأ الجمهور (فِي