سرعة السير وتنزل في المنزل الذي ينزل فيه القمر ، لأن لكل واحد منهما سلطانا على انفراده ، فلا يتمكن أحدهما من الدخول على الآخر ، فيذهب سلطانه إلى أن يأذن الله بالقيامة ، فتطلع الشمس من مغربها. وقال الضحاك : معناه إذا طلعت الشمس لم يكن للقمر ضوء ، وإذا طلع القمر لم يكن للشمس ضوء. وقال مجاهد : أي لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر. وقال الحسن : إنهما لا يجتمعان في السماء ليلة الهلال خاصة ، وكذا قال يحيى بن سلام. وقيل معناه : إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر في منزل لا يشتركان فيه. وقيل القمر في سماء الدنيا ، والشمس في السماء الرابعة (١). ذكره النحاس والمهدوي. قال النحاس : وأحسن ما قيل في معناه وأبينه : أن سير القمر سير سريع ، والشمس لا تدركه في السير. وأما قوله : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٢) فذلك حين حبس الشمس عن الطلوع على ما تقدّم بيانه في الأنعام ، ويأتي في سورة القيامة أيضا ، وجمعهما لانقضاء الدنيا وقيام الساعة (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) أي : لا يسبقه فيفوته ، ولكن يعاقبه. ويجيء كلّ واحد منهما في وقته ولا يسبق صاحبه ، وقيل : المراد من الليل والنهار آيتاهما ، وهما الشمس والقمر ، فيكون عكس قوله : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) أي : ولا القمر سابق الشمس ، وإيراد السبق مكان الإدراك لسرعة سير القمر (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) التنوين في «كلّ» عوض عن المضاف إليه : أي وكلّ واحد منهما ، والفلك : هو الجسم المستدير أو السطح المستدير أو الدائرة ، والخلاف في كون السماء مبسوطة أو مستديرة معروف ، والسبح : السير بانبساط وسهولة ، والجمع في قوله : (يَسْبَحُونَ) باعتبار اختلاف مطالعهما ، فكأنهما متعدّدان بتعدّدها ، أو المراد : الشمس والقمر والكواكب.
وقد أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله : (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ) الآية يقول : ما كابدناهم بالجموع : أي الأمر أيسر علينا من ذلك. وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) يقول : يا ويلا للعباد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله : يا حسرة على العباد قال : الندامة على العباد الذين (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) يقول : الندامة عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) قال : وجدوه معمولا لم تعمله أيديهم : يعني الفرات ودجلة ونهر بلخ وأشباهها (أَفَلا يَشْكُرُونَ) لها. وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما عن أبي ذرّ قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قوله : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) قال : مستقرّها تحت العرش. وفي لفظ للبخاري وغيره من حديثه قال : «كنت مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم في المسجد عند غروب الشّمس فقال : «يا أبا ذرّ أتدري أين تغرب الشّمس؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : إنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فذلك قوله : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها)». وفي لفظ من حديثه أيضا عند أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم قال : يا أبا ذرّ أتدري أين تذهب هذه؟ قلت : الله ورسوله أعلم ،
__________________
(١). هذا الكلام لا يعتمد على نص من القرآن أو السنة ، فكل ما يخالف الحقائق العلمية في هذا المجال لا يعتد به.
(٢). القيامة : ٩.