وأزواجهم معطوف على ذلك الضمير ، وارتفاع متكئون على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، وفي ظلال متعلق به أو حال ، وكذا على الأرائك وجوّز أبو البقاء أن يكون (فِي ظِلالٍ) هو الخبر و (عَلَى الْأَرائِكِ) مستأنف. قرأ الجمهور (فِي ظِلالٍ) بكسر الظاء وبالألف وهو جمع ظلّ. وقرأ ابن مسعود وعبيد بن عمير والأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي وخلف (فِي ظُلَلٍ) بضم الظاء من غير ألف جمع ظلة ، وعلى القراءتين فالمراد الفرش والستور التي تظلهم كالخيام والحجال ، والأرائك جمع أريكة ، كسفائن جمع سفينة ، والمراد بها السرر التي في الحجال. قال أحمد بن يحيى ثعلب : الأريكة لا يكون إلا سريرا في قبة. وقال مقاتل : إن المراد بالظلال أكنان القصور ، وجملة (لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) مبينة لما يتمتعون به في الجنة من المآكل والمشارب ونحوها. والمراد فاكهة كثيرة من كلّ نوع من أنواع الفواكه (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) ما هذه هي الموصولة والعائد محذوف أو موصوفة أو مصدرية ، ويدّعون مضارع ادّعى. قال أبو عبيدة : يدّعون يتمنون ، والعرب تقول : ادّع عليّ ما شئت : أي تمنّ ، وفلان في خير ما يدّعي : أي ما يتمنى. وقال الزجاج هو من الدعاء ، أي : ما يدعونه أهل الجنة يأتيهم ، من دعوت غلامي ، فيكون الافتعال بمعنى الفعل كالاحتمال بمعنى الحمل والارتحال بمعنى الرحل. وقيل : افتعل بمعنى تفاعل ، أي : ما يتداعونه كقولهم ارتموا وتراموا. وقيل : المعنى : إن من ادّعى منهم شيئا فهو له ، لأن الله قد طبعهم على أن لا يدّعى أحد منهم شيئا إلا وهو يحسن ويجمل به أن يدّعيه ، وما : مبتدأ ، وخبرها : لهم ، والجملة معطوفة على ما قبلها. وقرئ «يدعون» بالتخفيف ومعناها واضح. قال ابن الأنباري : والوقف على يدّعون وقف حسن ، ثم يبتدئ (سَلامٌ) على معنى لهم سلام ، وقيل : إن سلام هو خبر ما ، أي : مسلم خالص أو ذو سلامة. وقال الزجاج : سلام مرفوع على البدل من ما ، أي : ولهم أن يسلم الله عليهم ، وهذا منى أهل الجنة ، والأولى أن يحمل قوله : (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) على العموم ، وهذا السلام يدخل تحته دخولا أوّليا ، ولا وجه لقصره على نوع خاص ، وإن كان أشرف أنواعه تحقيقا لمعنى العموم ، ورعاية لما يقتضيه النظم القرآني. وقيل : إن سلام مرتفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي : سلام يقال لهم : (قَوْلاً) وقيل : إن سلام مبتدأ ، وخبره : الناصب لقولا ، أي : سلام يقال لهم قولا ، وقيل : خبره من ربّ العالمين ، وقيل : التقدير : سلام عليكم هذا على قراءة الجمهور وقرأ أبيّ وابن مسعود وعيسى «سلاما» بالنصب إما على المصدرية أو على الحالية بمعنى خالصا ، والسلام : إما من التحية أو من السلامة. وقرأ محمّد بن كعب القرظي «سلم» كأنه قال سلم لهم لا يتنازعون فيه ، وانتصاب قولا على المصدرية بفعل محذوف على معنى : قال الله لهم ذلك قولا ، أو يقوله لهم قولا ، أو يقال لهم قولا (مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) أي : من جهته ، قيل : يرسل الله سبحانه إليهم بالسلام. وقال مقاتل : إن الملائكة تدخل على أهل الجنة من كلّ باب يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من ربّ رحيم (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) هو على إضمار القول مقابل ما قيل للمؤمنين ، أي : ويقال للمجرمين : امتازوا ، أي : انعزلوا ، من مازه غيره ، يقال مزت الشيء من الشيء : إذا عزلته عنه ونحيته. قال مقاتل : معناه اعتزلوا اليوم : يعني في الآخرة من الصالحين. وقال السدّي : كونوا على حدة. وقال الزجاج : انفردوا عن المؤمنين. وقال