سورة الأنبياء عليهمالسلام
قوله تعالى : السورة مكية بإجماع ابن عطية.
قال ابن عباس : هي والكهف ، ومريم ، وطه من المضاف الأول ؛ لأن فعل الخطأ غير مقصود ، الثاني المتصل تقتضي تكليف الفصل ، إشارة إلى أنه طالب له ؛ كقوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) [سورة الجمعة : ٨] ؛ أي طالب عليكم ، فحيثما مررتم به حالة تفرون ؛ فكذلك الحساب طالب للاقتراب.
قوله تعالى : (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).
ولم يقل : في إعراض غافلون ، فعادتهم يجيبون بأن الغفلة أعم من الإعراض ، والظروف أوسع من المظروف ، فناسب أن تجعل الغفلة طرفا أو بينهما عموم وخصوص من وجه دون وجه لأنهما يشتركان في عدم الاهتداء ، ويتنافيان في الذكر والمعارض ذاكر للشيء وتارك ، والمفاضل عين ذاكره.
قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ).
قيل لابن عرفة : ما أفاد قوله (مُحْدَثٍ؟) فقال : إذ سرعة إعراضهم عنه بنفسي نزوله ؛ مع أن القول أول ما يسمع تتشوق النفس إليه وتقبله ؛ بخلاف ما إذا تكرر.
ولذلك قال الشاطبي في القرآن : وترداده ترداد فيه تجملا [٥٤ / ٢٦٠] ولا فرق عند أهل السنة بين المحدث والمحادث ، وفرق المعتزلة بينهما وفسر الإحداث إما باعتبار نزولها وهو إشارة إلى أنه معجز باعتبار الحروف الدالة عليه وهي محدثه ، وإما أن يراد بالذكر نفس الذاكر وهو الرسول.
قوله تعالى : (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ).
ولم يقل : يسمعوه ؛ لأن استمع أخص ؛ إذ الاستماع يقتضي القصد إلى السماع ، فإذا أعرضوا عنه بعد قصدهم استماعه فأحرى أن يعرضوا عنه إذا استمعوه من غير قصد إلى استماعه.
قوله تعالى : (وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ).
إن قلت : ما أفاد قوله تعالى : (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ؟) قلنا : إعراضهم عنه بالظاهر والباطل أعني بالفصل والنية ، فهو إشارة إلى تجانبهم بقوتهم العلمية والعملية.
قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى).