سورة الفرقان
قوله تعالى : (تَبارَكَ).
قال ابن عرفة : كلام أبي حيان يقتضي أن (تَبارَكَ) مطاوع بارك ، وكان بعضهم يرده بأن فعل المطاوعة فاعله مغاير لفاعل فعله الأعلى ، مثل : كسرته فانكسر ، فالفاعل منها مختلف وهو هنا متحد ، مثل : علا فتعالا ، وقال : وأجيب : بأنه مختلف باعتبار اعتقاد المعتقد لا باعتبار ما في نفس الأمر.
قوله تعالى : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
وجه مناسبتها لما قبلها أن تنزيل الفرقان عليه معجزة ، منزل منزلته صدق عبدي ، ومن شرط المرسل أن يكون غنيا عن غيره موصوفا بالملك العام ، والعزة عن الولد والشريك والإنصاف بالقدرة والإرادة.
قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً).
إن قلت : كيف هذا وقد قالوا : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [سورة يونس : ١٨] ، (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ) [سورة الزمر : ٣] ، فالجواب بوجهين :
الأول : من شرط الإله اختصاصه بالعبادة ، فإذا شارك معه غيره فيها فكأنهم عبدوا شريكه من دونه.
الثاني : أن ذكر الذين شركوه معه فيه عبدوا [...] فيه من دون الله.
قوله تعالى : (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً).
فالتغيظ معنويا هو غير مسموع ، كأنهم لما عبدوا الأصنام واتبعوا الشيطان صاروا كأنهم ملكا لهم ، فاحترس عن ذلك بقوله : (لِعِبادِيَ) [سورة إبراهيم : ٣١] ، بخلاف قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) ، [سورة الحجر : ٤٢] ؛ لأنه إضافة تشريف.
قوله تعالى : (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا).
إن قلت : ما يفعل زيد كذا ، نفيت الفعل ، فإن قلت : ما كان لزيد أن يفعل كذا ، نفيت القابلية للفعل ، وإذا قلت : ما ينبغي له أن يفعل كذا ، نفيت الفعل وجعلته محالا ، وإذا قلت : ما كان ينبغي لزيد أن يفعل كذا ، فهو أشد المحال وأبلغه ، لأنك جعلت فعله كالمحال.