سورة المؤمنين
وقوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)
قال الزمخشري : هو حرف توقع.
قال ابن عرفة : هذه عبارة المتقدمين والمتأخرون ، يقولون إنها حرف تحقيق مع الماضي ولا ينافي ذلك أنها مع المضارع للتوقع ، قال : وتارة يكون التوقع صادقا ، وتارة يكون كاذبا ، وذلك أن القائل : يقوم زيد هو على أربعة أقسام :
تارة باقي حرف التوقع ، والقيام متوقع عند الناس عنه ، لكن لم يقع في الخارج ، وتارة يكون القيام متوقعا عند الناس ، ويقع مدلوله في الخارج ولا يأتي المتكلم بحرف التوقع فهذه ثلاثة أقسام : المتوقع فيها صادق ، وبقى قسم رابع : وهو إتيانه بحرف التوقع حاله كون القيام غير متوقع عند الناس ، ولكنه يقع في المستقبل على حسب ما أخبر به ، فهل هذا توقع صادق؟ أو مطروق فيه نظر ، واللغو هو الكلام الذي لا فائدة فيه.
قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ).
قال الإمام الغزالي : الخشوع في الصلاة واجب وإلا جرى تحصيل ما يراه الدين خاصة ، وأما القبول والثواب فأمر آخر.
ابن عرفة : وهذا على خلاف الأصوليين في هل هي موافقة؟ ويراه الذمة والجروح من العهدة.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ).
وقيل : أي مانعون ، وقيل : أي فآمرون.
ابن عرفة : وتقدم لما خصه أنه يلزم عليه أن يكون المعنى مخصوص كقولك : قصرت المال على الصدقة أي خصصته ، فالمراد : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) فإنهم لا يخصونهم بذلك فيلزم نقيض المطلوب.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ).
قال ابن عرفة : ترتيب هذه المعطوفات بدني ، والخشوع في الصلاة أمر قلبي ، والقلب أشرف ما في الإنسان ، واللغو من أفعال اللسان ، وهو ترجمان عن القلب ،