سورة السجدة
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
قال ابن عرفة : جاءت هذه الآية موصولة غير مفصولة بحرف العطف ، لأنها بيان ما قبلها ، ودليل عليه من جهة أن حقيقة رسالة المرسل يستدل عليها بالمعجزة ، وبما هو من فعل مرسله الخاص به وهذه منه ، قال بعضهم : من حقيقتها أن السماوات ليس بينهما خرق ، ولو كان بينهما خرق ، لقال : ما بينهما أو لقال : وما بينهن بضمير التأنيث ، فلما أتى بضمير التثنية ، دل على أن المراد ما بين السماء والأرض ، وأجيب : أن الشاهد منها ما بين السماء الدنيا والأرض ، ورد بأن جميعها مشاهد لقوله تعالى : في سورة نوح عليهالسلام (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) [سورة نوح : ١٥ ـ ١٦] ، فكان قوم نوح عليهالسلام لطول أعمالهم أدركوها بالرصد ، وأجيب : بأن الشاهد أن في السماوات في أنفسها لا ما بينها.
قوله تعالى : (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ).
الظرف تارة يعتبر من حيث كونه محالا للفاعل ، وتارة يعتبر من حيث كونه محالا للمفعول والفاعل ، يقول ضربت زيدا في المسجد ، وأنتما معا فيه وحده وأنت [٦٠ / ٢٩٠] في الطريق ، أو العكس ، وتقول : ضربت زيدا يوم الجمعة ، وأنتما معا فيه ، كقوله : (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ، الظرف هنا منسوب للمفعول فقط ، واليوم ليست حركة الفلك بالطلوع والغروب ؛ لأن لا يلزم الدور ؛ لأن الفلك خلق فيه فاليوم سابق عليه ، فالمراد مقدار حركة مقدرة ، وقول ابن عطية : روي أن الله أخذ الخلق يوم الأحد ، وقيل : يوم السبت (١).
ابن عرفة : فتسمية هذه الأيام أمور جعلية ، والمحال المقدم في حملها على حقيقتها أمر عقلي.
قوله تعالى : (وَما بَيْنَهُما).
يؤخذ منه أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.
قوله تعالى : (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ).
__________________
(١) أورد المصنف في الحاشية : الصحيح ابتداء الله تعالى الخلق يوم السبت كما رواه الإمام مسلم في صحيحه مفصلا.