الولي : الحافظ ، وهو الذي خيره بقوله : يدفع عنه بالمحاولة والرغبة ، فالولي يمنعه من الملك لقوته ، والشفيع : يمنعه منه بجاهه عنده ومكانته ، وانظر ما تقدم في سورة الأنعام في قوله تعالى : (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) [سورة الأنعام : ٧٠].
قوله تعالى : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ).
قال ابن عطية : عدة تأويلات فعن مجاهد وابن عباس وجماعة : ينفذ الله تعالى قضاه بجميع ما يشاء ، ثم يعرج إليه ذلك في يوم مقداره أن لو سير فيه السير المعروف من البشر ألف سنة ؛ لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة سنة ، وقيل : يدبر : يلقى إلى الملائكة ألف من عندنا ، وهو اليوم عنده ، فإذا ألقى عليهم مثلها إلى أن ينفذ الأمور عنده لهذه المدة ، ثم تصير إليه أخرى ، وكلها عن مجاهد ، وقيل : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض في هذه الدنيا ، ثم يعرج إليه يوم القيامة ، ويوم القيامة مقداره ألف سنة لشدة هوله ، وهذا راجع لقوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ، أي كل يوم منها ألف سنة ، وعن أبي يزيد : أن الضمير في مقداره عائد على العروج ، وهو الصعود ، وقيل : يدبر أمر الشمس أنها مقعد وتنزل في يوم ، وذلك قدر ألف سنة ، زاد الزمخشري الأمر المأمور به من الطاعات ، يدبره ثم لا يعلم به مطاولة نقله الصلحاء والطائعين ، ولا يوصف بالصعود إلا الخالص ، قال تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) [سورة فاطر : ١٠] ، قيل : ينزل الوحي مع جبريل إلى الأرض ثم يصعد إليه مع ما كان من قبوله أو رده في وقت هو ألف سنة ، وهي مشاقة الطلوع والهبوط وسرعة سير جبريل.
قال ابن عرفة : وظهر لي معناه ، وأورده ابن عرفة في قوله (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) سر الأفعال تقدير الآية لو شئنا إتيان كل نفس هداها لآتيناها هداها ، فيلزم عليه أحد أمرين وهما : إما تحصيل الحاصل أو تقدم الصفة على الموصوف بيان ذلك أنه أن يراد بقوله تعالى : (شِئْنا) الإرادة التنجيزية أو الصلاحية ، فإن كان الأول وهو إيراد الإرادة التنجيزية ، لزم تحصيل الحاصل ، وأنه يصير المعنى حينئذ : لو أوقعنا الهداية بالفعل لوقف بالفعل ، وإن كان الثاني وهو أن يراد الصلاحي لو تم تقدم الصفة على الموصوف ، وبيانه أن الإرادة من الصفات التعليقية وهي قديمة والنفوس حادثة ، فيلزم وجود التعلق الذي هو صفة في الأزل دون المتعلق ، وذلك نفس تقدم الصفة على الموصوف ، قلت : وهذا جواب بتقدير الإشكال المذكور في الأصل فتأمله.
قوله تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ).