سورة النور
قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها).
قال ابن عطية : سورة خبر مبتدأ ، أي هذه سورة ، أو هو مبتدأ و (أَنْزَلْناها) صفة ، وخبره الجملة من (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) ابن عرفة : وكان بعضهم يرجح كونه مبتدأ خبره أنزلنا ؛ لأن سيبويه لم يشترط في الابتداء بالنكرة إلا لحصول الفائدة ، ولا شك أن الفائدة أكثر من الفائدة في قولك : رجل من بني تميم قائم ، وقرئ بعقب سورة فأعربه الفراء حالا من ضمير المفعول في أنزلناه ، قيل لابن عرفة : وأين مفسر الضمير؟ فقال : لما أنزلنا الأحكام أو الشرائع حالة كونها سورة.
قال ابن عرفة : و (أَنْزَلْناها) ، إن أريد إنزالها إلى سماء الدنيا ، فيكون ماضيا حقيقة.
ابن عطية : فرضناها بتخفيف الراء ومعناه الإثبات والإيجاب بأبلغ وقوعه.
ابن عرفة : ولذلك جعل أبو زيد الدبوسي الفرض ما نشأ عن دليل قطعي ، إذ هو مأخوذ من الفرض في الخشية والوجوب ما نشأ عن دليل قلبي إذ هو بمعنى السقوط ، قال تعالى : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) [سورة الحج : ٣٦] ، وقرئ بالتضعيف لتكرر الأحكام فيها ما لم تتكرر في غيرها.
قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
أي يفصل لكم على شبيه بما تحصل لمن تذكر شيئا نسيه أو تذكرون ما علمتم يوم السبت بربكم ، والحكماء القائلون بأن العلوم كلها تذكيرية يحملونها على ظاهرها.
وقال الفخر : هذا إشارة إلى اشتمالها على الأحكام وعلى أدلتها ، فقال ابن عرفة : ليس فيها أدلة ، قال : فيها أدلة قال : وفيها من علم البيان ....... (١) السرقة من الرجل أكثر من وقوع الزنا من النساء أكثر ، فإن قلت : هذا يتم في السرقة ولا يتم في الزنا ، لأنها نسبة إضافية ، فكذا المرأة يكثر منها الزنا مرات مع رجال كثيرين ، والرجل في الأكثرين مرة واحدة ، قلت : أو لكثرة النساء وقلة الرجال ، قال ابن عطية : وهذه الآية عامة عند الجميع ، وحكم المحصنين منسوخ ، واختلفوا في الناسخ ، فقالت فرقة : الناسخ : السنة المتواترة.
__________________
(١) سقط وطمس في المخطوطة.