سورة سبأ
ذكر سيبويه في قولهم (لَهُ) ، في علم الفقهاء أن الرفع يقتضي عموم الجنس.
قوله تعالى : (وَما فِي الْأَرْضِ).
إنما أعاد لفظ (ما) وفي المخالفة نوع (ما فِي الْأَرْضِ) لنوع ما في السماء.
ابن عرفة : وهذا من العام الباقي على عمومه.
فإن قلنا : إن العام في الأشخاص عام في الأزمنة والأحوال ، فسيكون قوله تعالى :
(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) تأكيدا.
وإن قلنا : إنه مطلق غير عام ، فيجاب بثلاثة أوجه :
الأول : جواب الزمخشري على قاعدته بأن الحمد الأول واجبا له في الدنيا على نعم متفضل بها.
والثاني : (فِي الْآخِرَةِ) على نعم واجبة الإيصال إلى مستحقها ؛ لأنهم يقولون : إن الطائع يجب على الله أن يثيبه.
ورده ابن عرفة : بأنه باطل على مذهبه ؛ [٦١ / ٢٩٩] لأنهم يقولون بوجوب رعاية الأصلح ، فكيف يقولون النعم متفضل بها؟
الجواب الثاني : أنهما مختلفان باختلاف المتعلق والفاعل فحمد الآخرة أكثر لدوامه ، إذ هي حياة لا موت فيها ، قال الله تعالى (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) [سورة فاطر : ٣٤] وحمد الدنيا منقطع بموت صاحبه ، ثم تموت جميع الخلائق عند النفخ في الصور.
الجواب الثالث : أنهما مختلفان باختلاف السبب ، فحمد الآخرة أعظم لتبيين الحقائق فيه وصيرورة الأمر النظر ضروريا ، فالمحق يرى ما أعد الله له ، وما نجاه منه عيانا ، فحمده حينئذ أعظم وأجل.
قال ابن عرفة : وكان بعضهم يقول في قوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم" لا أحصي ثناء عليك" (١) لا ينبغي لنا أن نقوله كذلك ، إنما نقول : لا نحصي ثناء عليك ؛
__________________
(١) أخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٧٥٣ ، وابن خزيمة في صحيحه حديث رقم : ٦٥٥ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ١٩٧١ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك على ـ