قوله تعالى : (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) يوهم أن التمتع ارتفع نسيان الذكر لاقتضاء الآية مخالفة ما بعدها لما قبلها.
قوله تعالى : (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً).
يحتمل بالصرف البرهان الصادف لهم عن اعتقاد الباطل ، وبالنص تصحيح أقوالهم.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) ، أبلغ من قوله : الذين يعتقدون عدم لقاءنا ، لأن الأول يحتمل التكذيب باللقاء والشك فيه ، وعدم الرجاء أبلغ من الجميع ، لأنه لا مطمع فيه بوجه.
قوله تعالى : (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا) ، لف ونشر ، والاستكبار راجع لإنزال الملائكة عليهم ، والعفو لمطلب الرؤية ، فإن قلت : ما أفاد قوله تعالى : (فِي أَنْفُسِهِمْ)؟ فأجاب الزمخشري : بأنهم أضمروا الاستكبار في أنفسهم ، وهو الكفر والفساد ، كما قال تعالى (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) [سورة غافر : ٥٦].
قال ابن عرفة : أو يجاب بأن المراد لقد استكبروا استكبارا راجعا إلى رؤياهم حيث جعلوا لها مسموعا على غيرها ، وقد قال الله تعالى (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) [سورة الصافات : ٩٦] فهم مخلوقون لله فلا يمتنع أن يخص بعض خلقه بالنبوة والرسالة دون بعض.
قوله تعالى : (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِ) [٥٧ / ٢٧٨] (إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ).
قال ابن عرفة : عادتهم يقولون : لم عطف ، وكذلك هنا بالواو ولم يعطفها في قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) ، قال : فكانوا يجيبون بأن الواو تقتضي الموافقة على ثبوت ما قبلها حسبما أشار إليه ، في قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [سورة الكهف : ٢٢] ، فقالوا ثم إن هذا القول هو الصحيح ، وهو أنهم سبعة ولا شك أن اتخاذهم القرآن مهجورا أمر ثابت صحيح ، وتنزيل القرآن جملة واحدة غير ثابت ، فلذلك عطف الأول دون الثاني ، وأجيب : بأن كذلك الثانية دخلت في الجملة وهي تعليل وسبب لما قبلها ، فلذلك لم يعطف بخلاف الأولى ، قال ابن عطية : وروي عن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : " من علق مصحفا ولم يتعاهده يورد القيامة متعلقا به ، يقول : هذا اتخذني مهجورا انظر يا رب بيني وبينه".