الحكم إلى السبب أقوى من إضافته إلى مسببه ، فلذلك جعلهم مظلومين في الغفلة ، وإنما حاطت بهم حتى كانت سببا في ظلمهم.
قوله تعالى : (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها).
قال ابن عرفة : الإشارة إليهم بلفظ القريب تحقيرا لهم ؛ كقوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) [سورة الأنبياء : ٣٦] ، قال بعضهم وفيها رد على [٥٥ / ٢٦٤] النحويين في قولهم : أن لو يمتنع الورود لامتناع كونهم آلهة ، والتقدير هنا لكنهم وردوها فليسوا بآلهة.
قوله تعالى : (وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ).
أخص من الورود ؛ لأن الخلود ورود للزيادة.
وأورد ابن عرفة : تشكيكا ، ولم يجب عنه ، قال : هذا إما خطاب للمؤمنين أو للمشركين ، وعلى التقديرين فلا فائدة فيه ، المؤمنون مقرون بأنهم واردوها فلا حاجة إلى الاستدلال عليهم والمشركون مكذبون بورودهم النار ، فلا فائدة في هذا الدليل ، وأجيب : بوجهين :
الأول : قال ابن عرفة : الخطاب للمشركين في الدنيا ، والدليل يفيد بصحيحه إلى المعجزة الدالة على صدق الرسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلم في جميع ما جاء به ، ومن جملة ما أخبر به أن آلهتهم تدخل النار ، فلو كانت آلهة ما أدخلوها وهو قد علم صادقا لم يجربوا عليه كذبا يتصدقونه في ذلك.
القول الثاني : قال ابن عبد السّلام : هذا للكافرين في الدار الآخرة حين عاينوهم في النار.
قوله تعالى : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ).
صوت المعذب وهو كنهيق الحمير ، أو شبهة ، إلا أنه من المصدر.
قال ابن عرفة : هذا غير صحيح بدليل قوله تعالى : في صفة جهنم (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً)(١) فلو كان الزفير صوت المعذب لما وصفت به جهنم لأنها يعذب بها ،
__________________
(١) وردت في المخطوطة : إذا سمعوا لها شهيقا وزفيرا ووردت في المصحف : سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً ، وقد أثبتنا ما في المصحف.