وقال ابن عرفة : إنما ألقينا مفهوم قوله تعالى : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ ؛) لأن نفي الاستكانة والتضرع يقتضي اتصافهم بالتكبر والتعنت ، وعدم .... (١) ، فإذا أنزل بهم العذاب الشديد لنفي عنهم ذلك التكبر والتجبر ، واتصفوا بالذلة حيث لا ينفعهم ذلك.
قال الزمخشري : وأخذهم بالسنين حتى أكلوا العلهز.
ابن عرفة : هو الدم المخلط بالشعر ، وقيل : إنه كبير.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ).
ابن عرفة : الإنشاء أخص من الإيجاد أن يكون تقدير بإيجاد بعض الأجزاء وكملها هو ، فإن قلت : لم أفرد السمع؟ قلت : أجاب الزمخشري : بأنه إما مصدر أو اسم يختص.
ابن عرفة : وعادتهم يجيبون : بأنه أفرده ؛ لأنه مفرد ، ومتعلقاته متعددة ، والبصر متعدد بتعدد متعلقاته ، فكل جهة لها إبصار خاص بها بخلاف السمع ، فإنه سمع واحد يسمع به من كل جهة ، وليس المراد الخارجة وهي الأذن ، فالمراد بالسمع السماع لا الحاسة ، بدليل قوله في المدونة فيمن ضرب رجلا بآلة حادة فأذهب سمعه ، أن عليه الدية ، مع أن أذنه لم تزل أذنه باقية؟ والعطف هنا ترق ؛ لأن عدم الرؤية أشد من الصمم ، قيل له : قد كان يعقوب وشعيب عليهماالسلام : لا يبصران ، ولم يكن أحد من الأنبياء عليهمالسلام أصم بوجه ، فقال : العمى طارئا عليهما وليس ابتدائيا بوجه ، والمراد بالأفئدة هنا العقل ؛ لأن الآية خرجت مخرج الامتنان بهذه النعم ، ولا يكون الامتنان إلا بالعقل ، لا بمجرد الفؤاد.
قوله تعالى : (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ).
قال ابن عرفة : كانت الطلبة يقولون : يحتمل أن يزيد القدر المتحرى من الشكر هو قليل ، ويحتمل أن يرد الشكر الأعم ، فعلى الأول : من صدق النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولم يفعل الطاعات هو شاكر قليلا ، وعلى الثاني : من وحد الله ولم يصدق بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، هو شاكر مطلق شكر.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.