بإبقاء ماله لورثته كما يؤثرون ذلك لأنفسهم ، أو أمر بذلك الأوصياء أن يحسنوا إلى الموصى عليه كما يؤثرون ذلك في أولادهم ، أو من خاف الأذى على ذريته بعده وأحب أن يكف الله تعالى عنهم الأذى فليتق الله تعالى في قوله وفعله ، أو مر به الذين ينهون الموصي عن الوصية لأقاربه ليبقى ماله لولده ، وهم لو كانوا أقرباء الموصي لآثروا أن يوصي لهم.
(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (١٠))
(ناراً) يصيرون به إلى النار ، أو تمتلىء بها بطونهم عقابا يوجب النار ، وعبّر عن الأخذ بالأكل ، لأنه المقصود الأغلب منه ، والصلا : لزوم النار.
(يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١١))
(يُوصِيكُمُ) كانوا لا يورثون الجواري ولا الضعفاء من الغلمان ، ولا يورث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال ، فمات عبد الله أخو حسان الشاعر وترك خمس أخوات فأخذ ورثته ماله فشكت زوجته ذلك إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم فنزلت.
(فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) فرض الاثنتين الثلثان كالأختين ، وخالف فيه ابن عباس فجعل لهما النصف.
(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) نسخت كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ من ذلك فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولكل واحد من الأبوين السدس ، واتفقوا على أن ثلاثة من الإخوة يحجبون الأم إلى السدس ، والباقي للأب ، وقال طاوس (١) يأخذ الإخوة ما حجبوها عنه وهو السدس ، والأخوان يحجبانها إلى السدس خلافا لابن عباس. وقدّم الدّين والوصية على الإرث ، لأن الدّين حق على الميت ، والوصية حق له فقدما ، وقد قضى الرسول صلىاللهعليهوسلم بتقديم الدّين على الوصية إذ لا ترتيب في أو.
(لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ) أنفع لكم في الدين أو الدنيا.
__________________
(١) هو طاوس بن كيسان اليمانى أبو عبد الرحمن الحميرى مولاهم الفارسى ، يقال اسمه ذكوان ، وطاوس لقب ، قال الحافظ : ثقة فقيه فاضل من الثالثة. انظر : تقريب التهذيب (١ / ٢٨١ ، ترجمة ٣٠٠٩).