(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) لا تحيط به ، أو لا تراه ، أو لا تدركه في الدنيا وتدركه في الآخرة ، أو لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة وتدركه أبصار المؤمنين ، أو لا تدركه بهذه الأبصار بل لا بدّ من خلق حاسّة سادسة لأوليائه يدركونه بها.
(وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥))
(نُصَرِّفُ الْآياتِ) بتصريف الآية في معان متغايرة مبالغة في الإعجاز ومباينة لكلام البشر ، أو بأن يتلو بعضها بعضا فلا ينقطع التنزيل ، أو اختلاف ما نضمنها من الوعد والوعيد والأمر والنهي. (وَلِيَقُولُوا) ولئلا يقولوا.
(دَرَسْتَ) قرأت وتعلمت ، قالته قريش ، ودارست : ذاكرت وقارأت ، ودرست : انمحت وتقادمت ، ودرست تليت ، وقرئت ودرس محمد صلىاللهعليهوسلم وتلا ، فهذه خمس قراءات.
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨))
(وَلا تَسُبُّوا) الأصنام فيسبوا من أمركم بسبها ، أو يحملهم الغيظ على سبّ معبودكم كما سببتم معبودهم.
(كَذلِكَ زَيَّنَّا) كما زينا لكم الطاعة كذلك زينا لمن تقدمكم من المؤمنين الطاعة ، أو كما أوضحنا لكم الحجج كذلك أوضحناها لمن تقدّم ، أو شبهنا لأهل كل دين عملهم بالشبهات ابتلاء حين عموا عن الرشد.
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٩))
(لَئِنْ جاءَتْهُمْ) لما نزل (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً) [الشعراء : ٤] قالوا : للرسول صلىاللهعليهوسلم أنزلها حتى نؤمن بها إن كنت من الصادقين ، فقال المؤمنون : أنزلها عليهم يا رسول الله ليؤمنوا ، فنزلت هذه ، أو أقسم المستهزئون إن جاءتهم آية اقترحوها ليؤمنن بها وهي أن يحول الصفا ذهبا ، أو قولهم (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ) [الإسراء : ٩٠] إلى قوله : (نَقْرَؤُهُ) [الإسراء : ٩٣] ولا يجب على الله إجابتهم إلى اقتراحهم إذا علم أنهم لا يؤمنون ، وإن علم ففي الوجوب قولان.
(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠))
(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ) في النار في الآخرة ، أو الدنيا بالحيرة.
(أَوَّلَ مَرَّةٍ) جاءتهم الآيات ، أو أول أحوالهم في الدنيا كلها.