القلب كالكف إذا أذنب العبد ذنبا ختم منه كالإصبع ، فإذا أذنب آخر ختم منه كلإصبع الثانية حتى ينختم جميعه ، ثم يطبع عليه بطابع ، أو هو إخبار عن كفرهم ، وإعراضهم عن سماع الحق شبهة بما سد وختم عليه فلا يدخله خير ، أو شهادة من الله عليها أنها لا تعي الحق ، وعلى أسماعهم أنها لا تصغي إليه ، كما يختم الشاهد على الكتاب.
(غِشاوَةٌ) والغشاوة الغطاء الشامل ، أراد بذلك تعاميهم عن الحق. سمى القلب قلبا ، لتقلبه بالخواطر.
ما سمى القلب إلا من تقلبه |
|
والرأي يصرف والإنسان أطوار |
(يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩))
(يُخادِعُونَ اللهَ) أصل الخدع : الإخفاء ، مخدع البيت يخفي ما فيه ، جعل خداع الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين خداعا له ، لأنه دعاهم برسالته.
(وَما يَخْدَعُونَ) لما رجع وبال خداعهم عليهم قال ذلك. (وَما يَشْعُرُونَ) وما يفطنون.
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠))
(مَرَضٌ) أصله الضعف أي شك ، أو نفاق ، أو غم بظهور النبي صلىاللهعليهوسلم على أعدائه.
(فَزادَهُمُ) دعاء ، أو إخبار عن الزيادة عند نزول الفرائض والحدود.
(أَلِيمٌ) مؤلم.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١))
(لا تُفْسِدُوا) بالكفر ، أو بفعل ما نهيتم عنه ، وتضييع ما أمرتم به ، أو بممايلة الكفار.
نزلت في المنافقين ، أو في قوم لم يكونوا موجودين حنيئذ بل جاءوا فيما بعد قاله سلمان.
(مُصْلِحُونَ) ظنوا ممايلة الكفار صلاحا لهم ، وليس كذلك ، لأن الكفار لو ظفروا بهم لم يبقوا عليهم ، أو مصلحون في اجتناب ما نهينا عنه إنكارا لممايلة الكفار ، أو نريد بممايلتنا الكفار الإصلاح بينهم وبين المؤمنين ، أو إن ممايلة الكفار صلاح وهدى ليست بفساد ، عرّضوا بهذا ، أو قالوه لمن خلوا به من المسلمين.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣))
(كَما آمَنَ النَّاسُ) الناس : الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.