وخلق فيها المعرفة فعرفت من خاطبها ، أو خلق الأرواح والأجساد معا في أرض مكة والطائف فأخرجهم كالذر في الدور الأول مسح ظهره ، فخرج من صفحة ظهره اليمنى أصحاب الميمنة بيضا كالذر ، وخرج أصحاب المشأمة من اليسرى سودا كالذر وألهمهم ذلك ، فلما شهدوا على أنفسهم مؤمنهم وكافرهم أعادهم ، أو أخرج الذرية قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر.
(وَأَشْهَدَهُمْ) بما شهدوه من دلائل قدرته ، أو بما اعترفوا به من ربوبيته ، فقال للذرية لما أخرجهم على لسان الأنبياء.
(أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) بعد كمال عقولهم. قاله الأكثر ، أو جعل لهم عقولا علموا بها ذلك فشهدوا به ، أو قال للآباء بعد إخراج ذريتهم كما خلقت ذريتكم فكذلك خلقتكم فاعترفوا بعد قيام الحجة ، والذرية من ذرأ الله تعالى الخلق أحدثهم وأظهرهم ، أو لخروجهم من الأصلاب كالذر.
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥))
(الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا) بلعم بن باعورا من أهل اليمن ، أو من الكنعانيين ، أو من بني صاب بن لوط ، أو أمية بن أبي الصلت الثقفي ، أو من أسلم من اليهود والنصارى ونافق.
(آياتِنا) الاسم الأعظم الذي تجاب به الدعوات ، أو كتاب من كتب الله تعالى قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو أوتي النبوة فرشاه قومه على أن يسكت عنهم ففعل ولا يصح هذا.
(فَانْسَلَخَ) سلب المعرفة بها لأجل عصيانه ، أو انسلخ من الطاعة مع بقاء علمه بالآيات ، حكي أن بلعم رشي على أن يدعو على قوم موسى عليه الصلاة والسّلام بالهلاك فسها فدعا على قوم نفسه فهلكوا.
(فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) صيّره لنفسه تابعا لما دعاه فأجابه ، أو الشيطان متبعه من الإنس على كفره ، أو لحقه الشيطان فأغواه ، اتبعت القوم : لحقتهم وتبعتهم : سرت خلفهم.
(الْغاوِينَ) الهالكين ، أو الضالين.
(وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦))
(لَرَفَعْناهُ) لأمتناه ولم يكفر ، أو لحلنا بينه وبين الكفر فارتفعت بذلك منزلته.