للإسلام والمسلمين (١).
كتاب العز والتفسير :
هذا الكتاب الذي صنفه العز كتاب فيه خلاصة الأقوال في تفسير آيات القرآن الكريم ، وللعز كتاب آخر يسمى بالتفسير الكبير كما جاء في المصادر ولعل الكتاب الذي بين أيدينا خلاصة له ، وعصارة للمعاني الدائرة في فلك التفاسير ، إلا أنك قبل البدء في ارتشاف مع اكتشاف هذه الخلاصة أود في البداية أن أحيلك على بعض المعلومات التي لا بدّ وأن يلم بها قارئ القرآن الكريم ومفسره فأقول مستعينا بالله :
القرآن الكريم وتفسيره :
القرآن الكريم هو : «كلام الله تعالى ووحيه المنزل على خاتم أنبيائه محمد صلىاللهعليهوسلم المكتوب في المصحف ، المنقول إلينا بالتواتر ، المتعبد بتلاوته ، المتحدى بإعجازه» (٢).
والناظر في القرآن الكريم يجد أنه قد اشتمل على الإيجاز والإطناب ، وعلى الإجمال والتبيين ، وعلى الإطلاق والتقييد ، وعلى العموم والخصوص. وما أوجز في مكان قد بسط في مكان آخر ، وما أجمل في موضع قد بين في موضع آخر ، وما جاء مطلقا في ناحية قد يلحقه التقييد في ناحية أخرى ، وما كان عاما في آية قد يدخله التخصيص في آية أخرى.
ولهذا كان لا بدّ لمن يتعرض لتفسير كتاب الله تعالى أن ينظر في القرآن أولا ، فيجمع ما تكرر منه في موضع واحد ، ويقابل الآيات بعضها ببعض ، ليستعين بها على ما ذكر.
والنبي صلىاللهعليهوسلم هو المصدر الثاني الذي رجع إليه الصحابة في تفسيرهم لكتاب الله تعالى ، فكان الصحابي إذا أشكلت عليه آية من كتاب الله رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في تفسيرها ، فيبين له عن الله ما خفي عليه ، لأن وظيفته البيان ، كما أخبر الله عنه بذلك في كتابه العزيز حيث قال : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل : ٤٤].
لذا اشترط العلماء على من يفسر كلام الله ـ عزوجل ـ ويتصدى لهذا المقام الجليل أن يكون ملما بعلوم تعينه على ذلك منها (٣) :
١ ـ اللغة : بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع والفرع ، قال مجاهد : «لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله ، إذا لم يكن عارفا
__________________
(١) انظر : الأعلام (٤ / ٢١).
(٢) انظر : مناهل العرفان (١ / ١٥).
(٣) انظر هذه الشروط في : الإتقان (٢ / ٤٧٧).