(وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) : الواو عاطفة. اتبعوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أهواء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
** (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة. المعنى : كم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك أي من قومك الذين أخرجوك أو كانوا سببا في خروجك من مكة أهلكناهم فلا ناصر ينصرهم وحذف المضاف «أهل» الذي لا بد من تقديره بسبب قوله : أهلكناهم فلا ناصر لهم.
** سبب نزول الآية : قال ابن عباس : لما خرج رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تلقاء الغار نظر إلى مكة فقال أنت أحب بلاد الله إلي ولو لا أن أهلك أخرجوني منك لم أخرج منك. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.
** (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة .. المعنى : أفمن كان على حجة ظاهرة من ربه وهي القرآن كمن زين أي حسن الشيطان له قبيح عمله كعبادة الأوثان واتبع هواه الباطل في عبادة الأصنام وجاء الفعل للمجموع في «اتبعوا» والضمير أيضا في «أهوائهم» محمولا على معنى «من» لا لفظها وفي الفعل «كان» والضمائر في «ربه» و «له» و «عمله» محمولا على لفظ «من» لا معناها لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى.
** (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة عشرة .. المعنى والتقدير : أمثل الجنة أي صفة الجنة العجيبة الشأن .. وفي القول الكريم تأويل لا يخلو من الطلاوة ذكره الزمخشري أدرجه هنا للاستمتاع والفائدة .. التقدير : أمثل الجنة وهو كلام في صورة الإثبات ومعنى النفي والإنكار ودخوله في حيز كلام مصدر بحرف الإنكار وانخراطه في سلكه لانطوائه تحت حكمه وهو قوله تعالى في الآية الكريمة السابقة : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) بتقدير : أمثل الجنة كمن هو خالد في النار؟ حرف الإنكار زيادة تصوير المكابرة من يسوي بين المتمسك بالبينة والتابع لهواه وأنه بمنزلة من يثبت التسوية بين الجنة التي تجري فيها تلك الأنهار وبين النار التي يسقى أهلها الماء الحميم.
** (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى : ومن الكفار منافقون يستمعون إلى كلامك يا محمد حتى إذا خرجوا من مجلسك الذي تعظ فيه وتخطب سألوا صحابتك مستهزءين ما ذا قال النبي الساعة أي قبل قليل. وبعد حذف المضاف «كلام» أوصل حرف الجر «إلى» إلى المضاف إليه ـ ضمير المخاطب ـ الكاف ـ فصار : إليك .. وجاء الفعل «يستمع» بصيغة الإفراد على لفظ «من» لا معناها وبصيغة الجمع في «خرجوا .. قالوا .. أولئك» على معنى «من» لا لفظها لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى .. أما لفظة «آنفا» فتعني الزمن الماضي القريب وهو ظرف بمعنى وقتا مؤتنفا أي مبتدأ فيه منذ أقرب وقت أي أول وقت يقرب منا أي منذ ساعة وهو مأخوذ من قولهم : أنف الشيء لما تقدم منه مستعار من