** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ الذي قال : ربنا الله وحده لا شريك له ومحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عبده ورسوله فاستقام. وقال المشركون : ربنا الله والملائكة بناته وهؤلاء شفعاؤنا عند الله فلم يستقيموا.
** (نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والثلاثين .. المعنى : نزلا من رب غفور رحيم ولم يذكر الموصوف «رب» لأنه معلوم وحلت صفتاه سبحانه «غفور رحيم» محله وهما من صيغ المبالغة «فعول» بمعنى فاعل «وفعيل» بمعنى فاعل أي الكثير المغفرة الكثير الرحمة لذنوب عباده.
** (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. المعنى : لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى توحيد الله أو عبادة الله وحده وعمل عملا صالحا فحذف المضاف «توحيد .. أو عبادة ..» وبقي المضاف إليه سبحانه لفظ الجلالة كما حذف الموصوف «عملا» وحلت الصفة «صالحا» محله. نزلت الآية الكريمة في رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأصحابه.
** (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة والثلاثين .. المعنى : ولا تتساوى الفعلة الحسنة ولا الفعلة السيئة فإذا اعترضتك سيئة فادفع بها أو فادفعها بخصلة أو فادفع بالخصلة الحسنة التي هي أحسن الخصال .. فحذف الموصوف الفعلة وأقيمت صفتها «الحسنة» مقامها ومثلها «السيئة» أي حذف الموصوف «الفعلة» وحلت صفتها «السيئة» محلها كما حذف الموصوف «الخصلة» وحل النعت «التي» الاسم الموصول محلها وحذف المضاف إليه «الخصال» وبقي المضاف «أحسن» وهذه الحكمة لا يوفق إليها إلا الصابرون كما تشير الآية الكريمة التالية (وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) بمعنى وما يؤتاها ويتقبلها ويحتمل هذه السجية أو الخصلة الحسنة إلا ذو أي صاحب الحظ العظيم. أي كل ذي حظ من السعادة عظيم. وفي الآية الكريمة وضع سبحانه «التي هي أحسن» موضع «الحسنة» ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة لأن من دفع بالحسنى كان الدفع عليه أهون أي هان عليه الدفع بما هو دونها. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : بالتي هي أحسن : أي بالصبر عند الغضب .. والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة. وقيل : السيئة : هي العقوبة .. والحسنة : هي التوبة. وقال أكثم بن صيفي : الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة وإفراط الأنس مكسبة لقرناء السوء. قال أبو عبيد : يريد أن الاقتصاد في الأمور أدنى إلى السلامة أي في توسط الأمور بين الغلو والتقصير وقد أجاد الشاعر في المقارنة بين الغلو والتقصير في هذين البيتين :
إن كنت منبسطا سميت مسخرة |
|
أو كنت منقبضا قالوا به ثقل |
وإن أعاشرهم قالوا لهيبتنا |
|
وإن أجانبهم قالوا به ملل |
** سبب نزولها : نزلت الآية الكريمة المذكورة آنفا في أبي سفيان بن حرب .. كان معاديا للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فصار له وليا ـ أي صديقا قريبا ـ بعد أن كان عدوا له فصافاه بالمصاهرة التي حدثت بينهما.
** (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين .. المعنى : فإن استكبر البشر عن السجود لله فالملائكة الذين لهم منزلة وكرامة عند ربك قائمون على التنزيه مداومون على التسبيح له سبحانه دون ملل. فحذف الموصوف «الملائكة» وحلت الصفة «الذين» محله يقال : سئم من الشيء ـ يسأمه ـ سأما .. من باب «طرب» بمعنى : مله. والسأم ـ بفتح السين والهمزة هو الملل.