صلىاللهعليهوسلم ـ جاء وهو في بيته فسلم فلم يجبه! ثم سلم ثانيا فلم يجبه ثم سلم ثالثا فانصرف. فخرج سعد وتبعه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال : يا رسول الله قد سمعت بإذني تسليمك .. ولكن أردت أن أستكثر من بركة تسليمك. وعن أبي أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «لا يحل لرجل أن يهجر أخاه في الإسلام ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا عن أخيه ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ أخاه بالسلام» وعن عبد الرحمن بن أبي ليلة قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية .. أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خرج علينا فقلنا : يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» والصلاة من الله تعالى : هي الرحمة.
** (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والثلاثين .. القرن في اللغة : ثمانون سنة .. وفي الاصطلاح : مائة سنة. المعنى : أهلكنا كثيرا قبلهم أي قبل كفار قريش من الأمم والجماعات المقترنين في زمن واحد كعاد وثمود وغيرهما من أشد منهم قوة فطوفوا في البلاد .. ويجوز أن يراد : فنقب أهل مكة في أسفارهم في بلاد القرون وتصرفوا فيها .. وأصل التنقيب : التنقير عن الشيء والبحث عنه. ومن معاني «نقبوا» : جالوا.
** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. وكلمة «شهيد» بمعنى : حاضر بفطنته لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب وقوله «له قلب» معناه : له قلب واع لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له. أما إلقاء السمع فمعناه : الإصغاء .. وقوله «وهو شهيد» إما أن يكون من الشهود بمعنى الحضور والمراد : التفطن لأن غير المتفطن منزل منزلة الغائب فجاز أن يكون من استعارة وإما أن يكون من الشهادة وصفا للمؤمن لأنه شهد على صحة المنزل وكونه وحيا من الله فيبعثه على حسن الإصغاء. فهو كناية أيضا. والقلب والفؤاد : لفظتان مترادفتان ـ أي متشابهتان ـ في المعنى. فلفظة «الفؤاد» تطلق على القلب وهو مذكر وجمعه : أفئدة. والقلب من الفؤاد : هو أهم أعضاء الحركة الدموية. وقلب كل شيء : هو لبه وجمعه : قلوب .. ويطلق القلب على العقل أيضا أي يعبر به. قال الفراء : «قلب» في الآية الكريمة بمعنى : لمن كان له عقل. وسمي القلب بذلك لتقلبه : ومنه : قلبت الأمر ظهرا لبطن : بمعنى اختبرته ونظرت في عواقبه.
** (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين .. و «لغوب» بمعنى : تعب أو إعياء .. يقال : لغب ـ يلغب ـ لغوبا .. بمعنى : تعب وأعيا. وهو من باب «دخل» أما «لغب» بكسر الغين فهو لغة ضعيفة. ولغب ـ لغبا ـ من باب «قتل» أيضا وقال الفيومي : ويأتي الفعل «لغب» لغبا .. من باب «تعب» لغة أيضا في حين قال الجوهري : بالكسر لغة ضعيفة و «ستة أيام» يجوز أن يراد به : الأيام وقيل : المعنى : في ستة أدوار.
** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة للرد على اليهود الذين زعموا أن الله استراح في اليوم السابع بعد خلق السموات والأرض .. وهو يوم السبت. فكذبهم الله تعالى بقوله عزوجل : (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ).