** (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الأربعين المعنى : أفمن يلقى في جهنم لكفره وعصيانه خير أم من يأتي آمنا من عذاب الله يوم القيامة لإيمانه بالله ورسوله. و «خير» أصله : أخير فحذف الألف طلبا للفصاحة و «أخير» ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن وزن الفعل وبعد حذف ألفه نون آخره .. وقيل في أمثال العرب خل من قل خيره لك في الناس غيره .. ومثل لفظة «خير» في حذف الألف كلمة «شر» وأصله أيضا : أشر وحذف ألفه أفصح من إبقائها .. وقيل : خير الغنى القنوع وشر الفقر الخضوع المراد بالقنوع : السؤال والتذلل للمسألة وهو مصدر الفعل «قنع» والفقير : هو من لا مال له ولا كسب يكفيه كمن يحتاج إلى عشرة ويكسب ثلثها ويقابله في الحاجة بصورة أقل : المسكين وهو من يقدر على مال أو كسب ولا يكفيه كمن يحتاج إلى عشرة وعنده سبعة. وعن «القنوع» قال لبيد :
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه |
|
ومنهم شقي بالمعيشة قانع |
وقال أهل العلم : القنوع : بمعنى الرضا .. و «القانع» هو الراضي.
** (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة والأربعين. المعنى : ولو جعلنا القرآن بغير لغة العرب لقال المشركون من العرب : هلا بينت آياته ولخصت بلسان نفقهه ولقالوا أيضا منكرين : أقرآن أعجمي ورسول عربي أو المرسل إليه عربي يقال : أعجم الكلام أو الكتاب : أي أزال إبهامه وعجمته ـ بضم العين ـ وهو عدم الإفصاح نحو : أزلت عجمة الكتاب : بمعنى : أعربته أو أعجمت الحرف : أي أزلت عجمته بما يميزه عن غيره بالنقط والشكل إذا استعجم : أي إذا استبهم .. و «المعجم» بضم الميم وفتح الجيم هو مصدر ميمي يعنى بمفردات اللغة أو هو كتاب اللغة الذي اصطلح على تسميته القاموس وجمع الأول : معجمات .. وجمع الثاني : قواميس واللفظتان تكادان تكونان بمعنى واحد .. فالمعجم شرح معناه. أما القاموس : فهو كتاب لغة مرادف كلمة «معجم» من قمس الشيء في الماء : بمعنى : غاص .. وسمي «القاموس» كناية بذلك لاتساعه وبعد غوره لأن من معانيه أيضا : البحر .. ومنه قاموس البحر : أي وسطه ومعظمه .. أو أبعده غورا : أي قعرا ومن هذه اللفظة كنوا الإنسان المتعمق النظر بقولهم : فلان بعيد الغور وعرفت غوره : أي حقيقته .. والمقصود بالتقعر هو التعمق وهذه الصفة تطلق على نوع أو مستوى من اللغات فقد قيل : للغة مستويات .. منها لغة الأدب : وهي لغة ذاتية ولغة العلم : وهي لغة تتسم بالجفاف أي اليبس .. وثمة ـ وهناك ـ لغة المكاتبات الرسمية .. أما لغة الصحافة فهي لغة تتميز بالوضوح والسلاسة بعيدا عن الذاتية والتقعر والجفاف. وعلم اللغة ـ كما تقول المراجع ـ هو معرفة أوضاع المفردات .. وقد يطلق هذا العلم على جميع أقسام العلوم العربية أما كتب اللغة فهي المعجمات .. أي ما يعرفونه بالقواميس ـ جمع قاموس ـ وأهل اللغة : هم العاملون بها. وعن «العجمة» قال الفيومي : العجمة في اللسان هي لكنة ـ بضم اللام ـ وعدم فصاحة وعجم ـ بضم الجيم ـ عجمة فهو أعجم والمرأة عجماء وهو أعجمي ـ على النسبة للتوكيد ـ بمعنى : غير فصيح وإن كان عربيا وعلى هذا فلو قيل لعربي : يا أعجمي لم يكن قذفا لأنه نسبه إلى العجمة وهي موجودة في العرب وكأنه قال : يا غير فصيح .. أما العجم ـ بفتح العين والجيم ـ فهم خلاف العرب.