ولكن فيه:
أولأ : إن عدم ذكر النجاشي القدح لا يفيد أكثر من عدم القدح فيلزم أن يكون مجهولاً لا ممدوحاً. ولا ملازمة بين سلامة الرجل من القدح وبين أن يكون ممدوحاً ، فليست القضية مانعة خلو وإنما يمكن ان تكون شيئاً ثالثاً كما بيّنا.
نعم قد يقال بأن نفس ذكر الشيخ النجاشي له في رجاله وقوله (له كتاب) (١) نوع مدح كما هو رأي بعض المحققين.
ولكن المبنى على عمومه لا يخلو من خدشة فإن مجرد ان يكون الرجل شيعياً مؤلفاً وإن كان ذلك مدحاً له ولكن لا مدخلية لهذا المدح في وثاقته وصدقه وإنما هو مدح كمالي زائد. نعم يمكن أن يكون مفيداً للوثاقة على نحو الاحتمال وهو غير كاف بوحده لإثبات المدح المرتبط بالوثاقة إلا بإضافة أوجه أخرى إليه كما لو روى عنه مباشرة الفقهاء من الشيعة ، وأكْثَر الإماميةُ بالنقل عنه ، وكان من أصحاب الأئمة عليهمالسلام حيث روى عنهم بلا واسطة وغيرها من القرائن.
ومن الصحيح أن كل واحدة من هذه القضايا لا تصلح لتوثيق الرجل ولكن مجموعها يقوي مدحه ؛ بل تصل مجموعة القرائن أحياناً إلى حالة الاطمئنان إنه فوق الحسن بل بقوة الصحيح.
ولعلنا يمكننا إرجاع بعض تعابير الشيخ المجلسي (ره) في (مرآة العقول) عن أسانيد الأحاديث (كالموثق) و (كالحسن) و (كالصحيح) وغيرها إلى اعتماده على مثل تلك القرائن(٢).
وعليه: فيمكننا القول بمدح مصالح بن عقبة بعد أن ذكره النجاشي في كتابه. بالإضافة إلى عدم ذكر فدح فيه. وأضف إلى ذلك رواية المشايخ عنه كمحمد بن إسماعيل بن بزيع (الذي عدّ من أصحاب الرّضا عليهالسلام وله کتب رواها النجاشي والشيخ عنه) ، كما روى عنه إبراهيم بن هاشم ومحمد بن
__________________
(١) رجال النجاشي / ص ٢٠٠ / رقم الترجمة (٥٣٢).
(٢) قد بينا تلك القرائن وشرحناها في مواردها ضمن تعاليقنا على مرآة العقول.