كتبت سبعة مصاحف إلى مكّة وإلى الشام وإلى اليمن وإلى البحرين وإلى البصرة وإلى الكوفة وحبس بالمدينة واحد.
قال ابن حجر : (واختلفوا في عدّة المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق ؛ فالمشهور أنّها خمسة ؛ وأخرج ابن أبي داود في (كتاب المصاحف) من طريق حمزة الزيات قال : أرسل عثمان أربعة مصاحف وبعث منها إلى الكوفة بمصحف فوقع عند رجل من مراد ، فبقي حتى كتبت مصحفي عليه.
قال ابن أبي داود : سمعت أبا حاتم السجستاني يقول : كتبت سبعة مصاحف إلى مكة وإلى الشام وإلى اليمن وإلى البحرين وإلى البصرة وإلى الكوفة ، وحبس بالمدينة واحدا. وأخرج بإسناد صحيح إلى إبراهيم النخعي قال : قال لي رجل من أهل الشام مصحفنا ومصحف أهل البصرة اضبط من مصحف أهل الكوفة ؛ قلت : لم؟ قال : لأنّ عثمان بعث إلى الكوفة لما بلغه من اختلافهم بمصحف قبل أن يعرض ، وبقي مصحفنا ومصحف أهل البصرة حتى عرض) (١).
وفي فضائل القرآن لابن كثير القرشي الدمشقي : قال : (وأما المصاحف العثمانية الأئمة ، فأشهرها اليوم الذي بجامع دمشق عند الرّكن ، شرقي المقصورة بذكر الله ، ولقد كان قديما بمدينة طبرية ، ثم نقل منها إلى دمشق في حدود ثماني عشرة وخمسمائة ، ولقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخطّ حسن مبين قوي بحبر محكم ، في رقّ أظنه من جلود الإبل ، والله أعلم ؛ زاده الله تشريفا وتعظيما وتكريما) (٢).
وعلى هذا لم يكن عمل عثمان جمعا للقرآن وإنما هو نسخ ونقل لعين ما نقل عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما هو. فإنه لم يصنع شيئا سوى نسخ سبع نسخ عن النسخة المحفوظة عند حفصة أمّ المؤمنين ، وجمع الناس على هذا الخطّ وحده ومنع أيّ خط أو إملاء غيرها. واستقرّ الأمر على هذه النسخة خطا وإملاء ، وهي عين الخط والإملاء الذي كتبت به الصّحف التي كتبت بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين نزل الوحي بها ،
__________________
(١) فتح الباري : ج ٩ ص ٢٤.
(٢) ينظر منه ص ٢٦ / طبعة دار الأندلس / الطبعة الرابعة.