هذا (ما أحسن تفسيره لو كان ثقة). ومنها تفسير محمّد بن اسحق ، وقد كان ينقل عن اليهودية والنصرانية ويذكر في تفسيره أقوالا لوهب بن منبه وكعب الأحبار وغيرهما ممن يروون عن التوراة والإنجيل وشروحهما ، وهذه التفاسير لم تصل إلينا. إلا أن ابن جرير الطبري جمع أكثرها وأدخلها في كتابه. ثم تتابع المفسرون يفسّرون القرآن كاملا مرتّبا في كتب كاملة مرتبة.
إلا أن الناظر في التفاسير التي دوّنت يجد أن المفسرين سلكوا في التفسير وجوها شتّى. منهم من عني بالنظر في أساليب الكتاب ومعانيه وما اشتمل عليه من أنواع البلاغة ليعرف به علوّ الكلام وامتيازه عن غيره من القول فغلبت على تفاسيرهم الناحية البلاغية ، ومن هؤلاء محمّد بن عمر الزمخشري في تفسيره المسمى بالكشّاف. ومنهم من نظر في أصول العقائد ومقارعة الزائفين ومحاجّة المخالفين مثل فخر الدين الرازي في تفسيره المشهور بالتفسير الكبير. ومنهم من نظر في الأحكام الشرعية واعتنى في استنباطها من الآيات فوجّه عنايته لآيات الأحكام وذلك مثل أبو بكر الرازي المعروف بالجصّاص في تفسيره المشهور أحكام القرآن. ومنهم من تتبّع القصص وزاد في قصص القرآن ما شاء من كتب التاريخ والإسرائيليات ، وأخذ يجمع جميع ما يسمعه من غثّ وسمين من غير تنقيح لما يخالف الشرع ولا يطابق العقل ويتنافى مع الآيات القطعية الدلالة ومن هؤلاء علاء الدين علي بن محمّد البغدادي الصوفي المعروف بالخازن في تفسيره باب التأويل في معاني التّنزيل. ومنهم من عني في تأييد مذهبه وتفسير الآيات حسب ما يؤيّد فرقته مثل تفسير البيان للشيخ الطبرسي ، وتفسير التبيان للشيخ الطوسي ، فإنّهما يؤيّدان آراء الشيعة ومذهبهم في العقائد والأحكام. ومنهم من عني بالتفسير لشرح معاني القرآن وأحكامه من غير نظر إلى ناحية من النواحي ، وهؤلاء هم المفسّرون الذين تعتبر تفاسيرهم من أمّهات كتب التفسير ، ويعتبرون من الأئمّة في التفسير وغيره ، وذلك مثل تفسير ابن جرير الطبري ، وتفسير أبي عبد الله محمد القرطبي ، وتفسير النّسفي وغيرهم. ومنهم أيضا تفسير الإمام الطبراني الذي بين يدينا اليوم نخرجه مطبوعا والحمد لله رب العالمين.