المفسّرين مصدرا ثالثا من مصادر التفسير. فكان لا بدّ من تفسير للقرآن يجري على سنن تفسير الصّحابة من حيث الاجتهاد في فهم القرآن والاستعانة بما نقل من تفسير عن الصّحابة.
أما ما نقل من تفسير عن الرسول صلىاللهعليهوسلم فإنه إن صحّ يعدّ جزءا من الحديث ، ولا يعدّ تفسيرا ، إذ يكون حينئذ نصّا تشريعيا كالقرآن فلا يدخل في عداد التفسير.
أما الأسلوب الذي ينبغي أن يسير عليه المفسّر فذلك راجع لإبداعه هو ، لأنه شكل من الأشكال ، وهو من نوع التأليف يختار كلّ واحد حسب ما يرى من وسيلة لأداء هذا التفسير من حيث الترتيب والتبويب والعرض ، ولذلك لا يصحّ أن يبيّن أسلوب التأليف في التفسير.
أما طريقة التّفسير فهي التي تحتاج إلى بيان. وقد وجدنا بعد الدراسة والبحث والفكر طريقة للتفسير نعرضها هنا ليجري تفسير القرآن على منهجها (١) ، وهي الطريقة التي يقتضيها واقع القرآن. وإنما قلنا طريقة أي أمرا مقرّرا دائميا ولم نقل أسلوبا ، لأنّها كطريقة الاجتهاد التي فهمت من واقع النصوص ومن الأدلة التي أرشد إليها القرآن الكريم ، وكذلك التفسير سواء بسواء. فهي طريقة من حيث الإلتزام بها لا من حيث كونها حكما شرعيا. لأنّها ليست من قبيل الأحكام ، أمّا هذه الطّريقة الّتي نرى السّير عليها في تفسير القرآن الكريم فتتلخّص فيما يلي :
تفسير القرآن هو بيان معاني مفرداته في تراكيبها ، ومعاني تراكيبه من حيث هي تراكيب. وحتى تعرف طريقة تفسيره لا بد أولا : من عرض واقع القرآن أوّلا ودراسته دراسة إجماليّة تبرز حقيقة هذا الواقع ، ثم يدرس ما ينطبق عليه هذا الواقع من حيث ألفاظه ومعانيه ، ثانيا : ثمّ يفهم ما هو الموضوع الذي جاء به. وبهذه المعرفة للواقع وما ينطبق عليه ، ولموضوع البحث الذي جاء به القرآن يتبيّن المرء الطريقة التي تسلك في تفسير القرآن ، فيهتدي إلى السبيل القويم الذي يجب أن يجري التفسير على نهجه.
__________________
(١) اقتبسنا غالب هذه المقدمة من كتاب الشخصية الإسلامية للشيخ الإمام محمّد تقي الدين النبهاني رحمهالله. مع التصرف حسب مقتضى موضوعنا في التقديم.