ولا الصحابة ، فإنّها كلّها اجتهادات قد تخطئ وتصيب ، وربما أرشد العقل إلى فهم آية برز واقعها للمفسّر من خلال كثرة مطالعاته للعربية والشريعة ، أو برز من خلال تجدّد الأشياء ، وتقدّم الأشكال المدنيّة ، والوقائع ، والحوادث ، فبإطلاق العقل في الإبداع ، بالفهم لا بالوضع ، يحصل الإبداع في التفسير في حدود ما تقتضيه كلمة تفسير ، مع الحماية من ضلال الوضع لمعان لا تمتّ إلى النصّ المفسر بصلة من الصّلات.
وهذا الانطلاق في الفهم وإطلاق العنان للعقل بأقصى ما يفهمه من النصّ دون التقيّد بفهم أيّ إنسان ما عدا من أنزل عليه القرآن ، يحتّم أن ينفي الإسرائيليّات كلها مقتصرا في القصص على ما ورد به القرآن عنها ، وأن ينفي ما يزعمون من علوم تضمّنها القرآن ، واقفا عند حدّ ما تعنيه تراكيب القرآن من الآيات الباحثة في الكون ، وما قصد منها من بيان عظمة الله. هذه هي طريقة تفسير القرآن التي يجب أن يلتزمها المفسّر ، وأن يقوم بأعبائها من يريد تفسير القرآن.